والحاصل : أنّ التخيير بين الطائفتين في المقام في معنى التخيير في جميع المتعارضين ، وإنّما يفترق الحال في الصورتين المذكورتين.
نعم يمكن أن يقال : لا معنى للتخيير في المقام وإن قلنا إنّه مقتضى الأصل في المتعارضين ، وذلك لأنّه يرجع إلى التخيير في كون الخبرين حجّة أو لا ، فإن اختار أخبار التخيير كانا حجّة ، وإن اختار أخبار التوقف لم يكونا حجّة ، فيكون أمر الحجيّة باختياره ، ولا معنى لهذا ، وهذا بخلاف التخيير في الأخذ بالخبرين في سائر المقامات ؛ فإنّه في معنى حجيّة كليهما ، إلا أن يدفع بأنّ التخيير فيهما (١) ـ في (٢) أخبار التوقف والتخيير أيضا ـ في معنى حجيّة كل خبرين متعارضين ، غاية الأمر أنّ له أن يأخذ بأخبار التوقف ، ولا يعمل بالحجّة ، وإن كان على وجه الوجوب ؛ إذ ما دام آخذا بأخبار التوقف يجب عليه الاحتياط وعدم الأخذ بالخبرين ، لكنّه بعيد.
هذا ؛ وإن قلنا : مقتضى (٣) القاعدة في المتعارضين التساقط ؛ فيتساقطان ، فيكون كما لو لم تكن (٤) أخبار علاجيّة ، فيرجع إلى الأصل في المسألة الفرعيّة كائنا ما كان.
وإن قلنا : إنّ مقتضى القاعدة التوقف ؛ فيجب عليه التوقف في هذه المسألة الأصوليّة ، والرجوع إلى الأصل الموافق ـ وهو في المقام ـ أصالة عدم التخيير ؛ لأنّه في معنى حجيّة الخبرين ، والأصل عدمها ، بل الشك فيها كاف في عدمها ، فيبنى على التوقف والاحتياط.
هذا ؛ لكنّ الإنصاف أنّه كما أنّ الأصل عدم الحجيّة كذلك الأصل عدم وجوب الاحتياط إلا إذا كان الأصل في المسألة الفرعيّة الاحتياط ، كمسألة الظهر والجمعة ، فكأنّه لا أصل في البين ، فالمرجع الأصل في المسألة الفرعيّة إن وافق إحدى الطائفتين ـ أعني أخبار التخيير والتوقف (٥) ـ وسيأتي الكلام في نظير المسألة إن شاء الله ، بل في صورة وجود الأصل في المسألة الأصوليّة أيضا يمكن أن يقال : المدار
__________________
(١) بعدها في نسخة (ب) : أي ...
(٢) في نسخة (د) : أي في أخبار ...
(٣) قبلها في نسخة (ب) و (د) : إنّ ...
(٤) في نسخة (ب) : كما لم تكن.
(٥) في نسخة (ب) : قدم لفظ التوقف على لفظ التخيير.