على الأصل في المسألة الفرعيّة ، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله (١).
هذا ؛ ولكن نحن في راحة من هذه الأمور بعد اختيار أخبار التخيير ، والعمل بها مطلقا ، كما أنّا في راحة من تشخيص المعيار في حقّ الناس ، وأنّ المدار فيه ما ذا ، وأنّه لو كان ذا جهتين فهل هو ملحق بحق الله أو بحقّ الناس ، أو يلحق كلّا حكمه؟
وإن كان يمكن أن يقال ـ على فرض التفصيل ـ أنّه لا حاجة إلى تعيين المعيار ، إذ المدار على ما علم (٢) كونه مثل الدّين والميراث ، وقطع بعدم الفرق بينه وبينهما ، ومع الشك يلحق بحكم الله ، فتدبر.
ثمّ إنّه على المختار من الأخذ بأخبار التخيير لا يمكن أن يقال إنّ أخبار التخيير تكشف عن شمول دليل الحجيّة لكل من الخبرين ، وأنّ الأخبار حجّة من باب السببيّة ، وإلا لوجب الحكم بالتساقط والتوقف (٣) ، فحكم الإمام عليهالسلام بالتخيير كاشف عن عدم كون الأصل في الخبرين إلا التخيير ، وذلك لأنّه يمكن أن تجعل هذه الأخبار دليلا على حجيّتها (٤) ، وإن كانت أدلّة حجيّة الأخبار قاصرة الشمول ، وأنّ التخيير حكم تعبدي في صورة تعارض الطريقين ؛ فلا يكون كاشفا عن كون الأخبار من باب السببيّة وهذا واضح.
مع أنّ الأمر بالرجوع إلى المرجّحات المذكورة في الأخبار ، خصوصا مثل الأصدقيّة .. ونحوها ظاهر (٥) في عدم كونها من باب السببيّة ؛ إذ الظاهر منها أنّ الغرض إصابة الواقع ، وأنّها طريق إليه لا أنّ (٦) ذلك لمصلحة في العمل بالخبر ، وإن كان يمكن أن يقال ـ بعيدا ـ : إنّ المصلحة في صورة وجود الأرجح فيه فقط ، وفي صورة التساوي في كليهما.
هذا ؛ مع أنّ كون الأخبار من باب السببيّة ـ الذي لازمه كون التخيير بين الخبرين
__________________
(١) بعدها في نسخة (د) : أيضا. أقول : سيأتي في ص ٢٨٤.
(٢) في نسخة (ب) : حكم.
(٣) في نسخة (د) : أو التوقف.
(٤) في نسخة (ب) : حجيتهما.
(٥) في نسخة (ب) : ظاهرة.
(٦) في نسخة (ب) : إلا أنّ ...