حكما واقعيّا ـ في غاية الوضوح من الفساد ، بل لا قائل به ، ومن عبّر بأنّها من باب السببيّة ـ مثل صاحب المعالم ـ غرضه عدم إناطتها بالظن الشخصي ، فمراده من السببيّة ؛ الظن النوعي ، لا ما يقابل الطريقيّة ، والعجب ذكر مثل الشيخ المحقق له احتمالا (١) ، وبيان ما يتفرع عليه ، وقد قدّمنا (٢) شطرا من الكلام في ذلك.
هذا ؛ وأمّا بناء على ترجيح أخبار التوقف وبناء العمل عليها ؛ فإن جعلنا مفادها مجرّد إرجاء الواقعة في مقام العمل ؛ بمعنى عدم بناء العمل على شيء من الخبرين ، والرجوع إلى الأصول (٣) ؛ فهي كاشفة عن عدم حجيّة المتعارضين ، وكذا إن جعلنا مفادها الاحتياط المطلق ، ولو كان خارجا عنهما ، وإن جعلنا مفادها مجرد الاحتياط غير الخارج عنهما ؛ فهي كاشفة عن حجيّتها ؛ فإنّه (٤) يجب الأخذ بكلّ منهما.
لكن يشكل هذا فيما (٥) إذا كان مفاد أحدهما عدم الوجوب ، إلا أن يقال إنّ الأخذ به لا ينافي وجوب الإتيان من جهة الخبر الآخر (٦) ـ الذي هو الحجّة أيضا ـ فتأمل.
والأظهر هو القول بأنّ التوقف كاشف عن عدم حجيّة شيء منهما ، وأنّه لو كان في معنى الاحتياط يلزم الاحتياط المطلق ولو كان خارجا عنهما ، فتدبّر وراجع ما ذكرنا سابقا فيما يتعلّق بهذا المطلب ، فإنّه أقرب إلى الواقع ؛ لأنّه كان مسبوقا بالتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّه لو قلنا إنّ مقتضى القاعدة في تعارض الخبرين التخيير لا يمكن أن يجعل دليلا على ترجيح أخبار التخيير في المقام ؛ إذ يمكن أن يجعل أخبار التوقف ـ إذا رجّحناها ـ كاشفة عن عدم المشي على طبق القاعدة وهو واضح ، فلا ملازمة بين مقتضى القاعدة ومقتضى شيء من الطائفتين في شيء من المذكورات.
وينبغي التنبيه على أمور :
__________________
(١) راجع فرائد الأصول : ٤ / ٤٨ ، ٥١ ـ ٥٢.
(٢) مرّ في : ص ٢٧٠.
(٣) في الأصل هكذا : والرجوع إلى عدم الأصول ؛ وهو اشتباه ، والصواب ما في نسخة (ب) الذي أثبتاه في المتن.
(٤) في نسخة (د) : وأنّه.
(٥) لم يرد قوله «يشكل هذا فيما» في نسخة (د).
(٦) لم ترد كلمة «الآخر» في نسخة (د).