مجتهده وإن كان موافقا له (١) .. وهكذا الكلام فيما لو كان الدليل صفة القطع أو صفة الظن ؛ إذ هما مختصان بالقاطع والظان ، فلا يعقل تكليف العامي بهما ، وكون المجتهد نائبا عنه في تحصيلهما.
والحقّ في المسألة أنّه إن كان المراد من الاشتراك في العمل بالأدلة والأمارات والأصول الاشتراك فيها بمعنى العمل على طبقها ؛ فهو كذلك ، إذ كما أنّ المجتهد مكلّف بالعمل على (٢) طبق خبر العادل .. وهكذا ؛ فكذلك المقلّد ، بل العمل (٣) بالأدلّة ليس شيئا وراء الإتيان بالواقع ، فالعمل بالطريق هو الإتيان بذي الطريق ، ولا فرق بين الأصول وصفة القطع والظن .. وغيرهما ، إذ هو أيضا مكلّف بالعمل بالأصل وبقطع المجتهد وظنّه .. غاية الأمر أنّ موضوع الأصل والدليل خاصّ بالمجتهد وإلا فالعمل به مشترك ووجوبه مشترك ، لكنّ هذا التكليف لا يثمر شيئا ؛ إذ العمل بالمسألة الفرعيّة يكفي في أدائه.
وإن كان المراد الاشتراك في العمل بها ؛ بمعنى استنباط الحكم منها والتكليف بذلك ، وبتعيينها وتحصيلها بمبادئها المتكثرة ، فلا ينبغي الإشكال في عدمه ، وأنّه مختصّ بالمجتهد ، كيف وهو عبارة عن الاجتهاد الذي هو وظيفة المجتهد ، والمقلّد عاجز عنه ولا يعقل تكليفه به.
ودعوى أنّ المجتهد ينوب عنه في ذلك واضحة الفساد ؛ إذ هو نظير أن يقال : إنّ العاجز عن الصلاة مكلّف بها ، والقادر نائب عنه ، ولا معنى له ، إذ القادر يأتي بتكليف بنفسه ، نعم لو كان مكلّفا بتحصيل الصلاة لا بفعلها أمكن ، لكنّ الكلام في تكليفه بنفس الصلاة غير المقدورة حتى تجب الاستنابة من جهة العجز ، وكذلك في مقامنا الكلام في تكليفه بالاجتهاد لا بتحصيل المجتهد (٤).
فإن قلت : إذا كان المقلّد مكلّفا بالأحكام الفرعيّة فهو مكلّف بمقدماتها ، وهي التكاليف الأصوليّة.
__________________
(١) أي : وإن كان ظن المقلد موافقا لظن المجتهد.
(٢) جاء بعدها في نسخة (ب) : طبقها مثل العمل على ...
(٣) في نسخة (د) : بل أقول العمل ...
(٤) من قوله «وكذلك ـ إلى قوله ـ المجتهد» لا يوجد في النسخة (ب).