ينكشف له الواقع بمقتضى مفاد ذلك المأخوذ.
قلت :
أولا : لا نسلم أنّ الموضوع هو المتحيّر بل من تعارض عنده خبران بلا مزيّة لأحدهما ، وهذا المعنى صادق بعد الأخذ بأحدهما أيضا.
وثانيا : ـ على فرض التسليم ـ نقول : إنّ الموضوع هو المتحيّر في أنّ أيّا من الخبرين حقّ ، وهذا المعنى أيضا لا يرتفع بالأخذ ، إذ لا ينكشف به أنّه هو الحق ، أو نقول إنّ الموضوع هو المتحير في أنّ (١) الحكم الواقعي الأولي ما ذا؟ وهو باق.
فإن قلت : سياق الأخبار أنّ الموضوع هو المتحيّر في الأخذ وأنّ أيّا منهما يجب أخذه ؛ فإذا أخذ بأحدهما فقد ارتفعت حيرته من حيث الأخذ.
قلت : سلّمنا أنّ الموضوع ذلك ؛ لكنّ حيرته إنّما هي في أنّ أيّا منهما يجب أخذه من حيث صدقه أو من حيث حجيّته ، والأخذ بمجرّد الميل النفساني لا يرفع هذه الحيرة ، نعم لو كانت حيرته في الأخذ من حيث الميل النفساني فقد ارتفع بالأخذ ؛ لأنّه لا يعقل إلا بعد وجود الميل إلى أحدهما.
هذا مع أنّ الحيرة من حيث الأخذ إنّما ترتفع بحكم الإمام عليهالسلام بالتخيير فلا يحتاج إلى الأخذ أيضا.
والحاصل : أنّه ـ على فرض تسليم أنّ الموضوع هو الحيرة في الأخذ ـ فإن كانت الحيرة من حيث إنّ أيّا منهما واجب الأخذ واقعا فهي باقية بعد الأخذ أيضا ، وإن كانت الحيرة في مقام الأخذ (٢) فقد ارتفعت بمجرّد حكم الإمام عليهالسلام بالتخيير ، وإن كان الحيرة من حيث الدواعي النفسانيّة فلا معنى له.
وأمّا على الثاني ؛ فلأنّ العقل ـ بناء على حكمه بالتخيير ـ إنّما يحكم من حيث إنّ مناط الحجيّة وهو المصلحة الموجودة في الخبر (٣) موجود في كلّ واحد ، وإذا كان كذلك ـ بناء على السببيّة ـ فلازمه الاستمرار ؛ لأنّ التخيير حينئذ نظير التخيير بين
__________________
(١) في نسخة (د) : هو التحير في الأخذ في أنّ الحكم ...
(٢) قد كتبت قبل هذه الكلمة : العمل ، ورسم عليه الحرف خ مكررا.
(٣) في نسخة (ب) : في هذا الخبر.