يكون هناك حالة مطابقة (١) ، ولا يخفى ما فيه ؛ لأنّه إذا بنى على العمل بأحد الخبرين فقد ثبت في حقّه مفاده ، وهو الوجوب أو الحرمة أو نحوهما ، ومع الشك في ارتفاعه (٢) بالعدول إلى الآخر .. الأصل بقاؤه ، نعم إذا بنينا على كون التخيير عمليّا صحّ منع الاستصحاب ، لكن قد عرفت أنّه خلاف مقتضى الخبرين ، مع أنّه على تقديره لا شك في الاستمراريّة.
الثالث : ما عن المفاتيح (٣) من أنّه يلزم ـ بناء على الاستمراريّة (٤) ـ ترك الواجب لا إلى بدل ، إذ لو أخذ بالخبر الدال على الوجوب فقد وجب عليه أبدا ومع (٥) العدول إلى الآخر يلزم ترك الواجب مع عدم البدل ؛ إذ مفاد الخبر الآخر ليس بدلا عنه خصوصا إذا كان هو جواز الترك أو وجوبه.
والجواب : أنّ هذا ليس من ترك الواجب بل من إدخال النفس تحت موضوع لا يجب عليه الفعل ، وهو مخيّر بين الموضوعين ، كما إذا سافر من وجب عليه الصوم فإنّه لا يقال إنّه ترك الصوم الواجب ، وهذا واضح.
وقد يجاب بأنّ وجوب المختار السابق على وجه التعيين أول الكلام ، مع أنّ ما ذكره من أنّه ترك الواجب لا إلى بدل كما في التخيير الواقعي واضح الضعف ؛ لأنّ مقتضى إطلاق أدلّة التخيير ثبوت التخيير بينهما واقعا ، وإن كان موضوعه ومحلّه تعارض الخبرين ، فيكون كلّ منهما بدلا عن الآخر كما في الخصال.
قلت : لا يخفى (٦) ما في هذا الجواب ؛ فإنّ الترك كيف يكون بدلا عن الواجب إذا كان مفاد الآخر الحرمة ، مع أنّ التزام التخيير الواقعي لا معنى له كما لا يخفى ، بناء على اعتبار الأخبار من باب الطريقيّة كما هو مذهب القائل ، فالجواب هو ما ذكرنا.
الرابع : ما اختاره بعض من أنّه لو جاز العدول لم يبق للتخيير فائدة ، قال بعض
__________________
(١) في نسخة (د) : سابقة.
(٢) في نسخة (د) : ارتفاعهما.
(٣) مفاتيح الأصول : ص ٦٨٦ س ٩.
(٤) في نسخة (د) : استمراريته.
(٥) في نسخة (ب) : أو مع ...
(٦) لم ترد كلمة «لا يخفى» في نسخة (د).