الأفاضل : وهو جيّد كما نبّهنا عليه في صدر الباب (١) حيث وجّهنا كلام المانعين عن جواز تعادل الأمارتين ، لكنّه إنّما يتم فيما فرضه من المثال يعني فيما لو كان أحد الخبرين دالّا على الوجوب والآخر على الحرمة ، وأمّا في غيره كما في المعاملات أو في تعيين الواجب كالقصر والإتمام فلا ، كما هو ظاهر.
قلت : قد قدّمنا عدم سلامته ، وأنّه فرق بين الإباحة وبين التخيير بين الخبرين المذكورين ، فنمنع عدم الفائدة في التخيير مع أنّه لا فائدة أعظم من كون المكلّف ذا طريق إلى الواقع كما في الخبر الدالّ على الإباحة إذا لم يكن له معارض ، فإنّ كون مقتضى الأصل أيضا (٢) الإباحة لا يمنع عن حجيّة الخبر ، وهذا واضح غايته.
الخامس : أنّه يلزم من الاستمرار المخالفة القطعيّة في بعض الوقائع ، وهي غير جائزة.
وفيه : أنّه لا بأس بها مع كون كلّ من الواقعتين على حدة ومورد الرخصة (٣) الشرعيّة ، كإطلاق الأخبار في المقام أو الأصل الموجود فيها إذا أغمضنا عن الأخبار ، نعم مع قطع النظر عن الأخبار ، إذ (٤) فرضنا كون التكليف بكلّ من الواقعتين (٥) المتدرجتين منجّزا بأن يكون من قبيل الواجب المعلّق نمنع جواز المخالفة القطعيّة ، لكن هذا لا يصير دليلا على الكليّة ، مع أنّ الإطلاق إذا كان موجودا ـ كما هو المفروض ـ فلا يثمر أصلا.
السادس : ما يمكن أن يقال من أنّ المفروض التخيير بين الخبرين ، ومن المعلوم أنّ مفاد كلّ منهما كون الحكم كذا أبدا ، إذ حكم الله لا يختلف بالأزمان والأحوال فمقتضى الأخذ بكلّ منهما الأخذ به دائما ، والأخذ في بعض الأزمان ليس أخذا بالخبر ، فلا بدّ من كون التخيير بدويا ، وإلا فليس عاملا بواحد منهما.
وكذا نقول في التقليد أيضا إنّه لا يجوز العدول عن فتوى المجتهد ما دام باقيا على
__________________
(١) قوله «في صدر الباب» لم ترد في النسخة (د).
(٢) لا توجد كلمة «أيضا» في نسخة (د).
(٣) في نسخة (ب) (د) : وموردا للرخصة.
(٤) في نسخة (د) : لو.
(٥) في النسخ : الواقعيتين.