بالاستمراري ولو بالنسبة إلى غير القاضي ، وليس غرضه اختصاص ذلك بالقاضي ، وأمّا أمر الشيخ بالتدبّر فلعلّه للإشارة إلى عدم الفرق بين المقامات ، والحق ما ذكره ذلك المعاصر ؛ لما عرفت من أنّ مقتضى القاعدة هو كون التخيير بدويّا ؛ لأنّ مفاد الخبر والأمارة ، وقول المجتهد إنّ الحكم كذا في جميع الوقائع فالعمل به لا يتحقق إلا بالدوام عليه ، وفي خصوص الخبرين وردت الأخبار الظاهرة في الاستمرار فلا بدّ من الرجوع في سائر الأمارات إلى القاعدة.
ويمكن أن يكون غرض الشيخ أيضا التأمّل لتحصيل (١) وجه الفرق.
الثاني : قال في الرسالة (٢) أيضا ـ بعد ما اختار كون التخيير بدويّا ، وأن لا إطلاق في الأخبار ، وأنّ العقل ساكت من هذه الجهة ، وأنّ الأصل عدم حجيّة الآخر بعد الالتزام بأحدهما ـ : نعم لو كان الحكم بالتخيير في المقام (٣) من باب تزاحم الواجبين كان الأقوى استمراره ؛ لأنّ المقتضي له في السابق موجود بعينه بخلاف التخيير الظاهري في تعارض الطريقين ، فإنّ احتمال تعيين ما التزمه قائم بخلاف التخيير الواقعي ، فتأمّل ، انتهى.
ومراده من كون التخيير من باب تزاحم الواجبين أنّه لو قلنا به من باب حكم العقل بناء على حجيّة الأخبار من باب السببيّة سواء تمسكنا بالأخبار في المقام أيضا أو لا ؛ لأنّ سكوت الأخبار لا ينافي دلالة العقل على الاستمرار من باب وجود المصلحة على وجه الاستمرار ، وليس مراده مجرد الإخبار على (٤) بيان التخيير الواقعي بناء على التمسك بها ، وهذا واضح ، وحينئذ فأمره بالتأمّل لعلّه للإشارة إلى أنّه يمكن أن يقال ـ بناء على كون المقام من باب التزاحم أيضا ـ أنّ المقتضي للعمل يقتضي العمل على وجه الاستمرار بأن تكون المصلحة مقيّدة بالعمل بكلّ واحد منهما دائما ، وإذا كان هذا محتملا فلا يمكن الحكم بالاستمراريّة ، فليس المقام من قبيل الخصال ، ويؤيده ما ذكرنا سابقا من أنّ معنى العمل بالخبر هو ذلك ، والمفروض أنّ المصلحة
__________________
(١) في نسخة (د) : في وجه الفرق.
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ٤٤.
(٣) في نسخة (ب) : في المقام بالتخيير.
(٤) من قوله (من باب السببيّة ـ إلى قوله ـ على» لا يوجد في نسخة (د).