إنّما هي في العمل بالخبر.
ويحتمل بعيدا أن يكون مراده في التخيير الظاهري بين الطريقين أيضا يمكن أن يقال بالاستمراريّة من جهة أنّ وجه حجيّة الخبرين حينئذ وجود مناط الحجيّة وهو الطريقيّة في كلّ منهما (١) ، فيكون كالتخيير الواقعي ، ويندفع معه احتمال التعيين فكأنّه استفدنا من الأخبار الدالّة على التخيير أنّ وجهه ومناطه ما ذكر ، فنحن وإن لم نقل بالتخيير من حيث القاعدة بناء على الطريقيّة ، وقلنا إنّ مثل هذا الظن النوعي لا يكفي في مقام الطريقيّة إلّا أنّا نقول بكفايته بعد ورود الأخبار ، فإنّ محملهما (٢) بعد العلم بأنّ حجيّة الأخبار من باب الطريقيّة هو ذلك ، وأنّ الشارع اكتفى بهذا المقدار.
ومن المعلوم تحقق هذا المعنى في جميع الوقائع ؛ فلا بدّ من كون التخيير استمراريّا ولو على الطريقيّة أيضا ، لا لإطلاق الأخبار بل لفهم المناط المقتضي لذلك فتدبّر!
وقال بعض الأفاضل (٣) في وجه التأمل : إنّه يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ موضوعات الأحكام أسباب لها سواء كانت واقعيّة مثل الخمر حرام ، أو ظاهريّة مثل كل شيء طاهر حتى تعلم ، والخبر حجّة فتعارض الخبرين موضوع وسبب للتخيير الظاهري الذي جعله الشارع ، وإن كان الخبر ـ بالقياس إلى مفاده ومدلوله ـ طريقا ؛ إذ الطريقيّة والسببيّة إنّما يلاحظان بالقياس إلى مدلول الخبر الذي هو طريق إليه لا بالقياس إلى ما هو موضوع له حتى لو نظمنا قياسا لجعلناه وسطا ، خلاف ما هو إليه طريق فحينئذ ينبغي الحكم بالاستمرار لوجود المقتضي السابق وهو تعارض الخبرين بعينه حسبما عرفته في التخيير الواقعي ، أو إشارة إلى أنّ العبرة في المقام بل في كلّ مقام من مقامات التخيير بإطلاق دليله ، حتى لو كان (٤) التخيير واقعيّا شرعيّا كما في خصال الكفّارة دارت استمراريّة التخيير فيه مدار إطلاق دليله ، فلو كان في الدليل قصور لا يحكم بالاستمرار في الواقعي أيضا ، بل يرجع إلى مقتضى
__________________
(١) في النسخة (ب) : في كل واحد منهما.
(٢) هكذا في النسخ ؛ ويحتمل رسمها : محملها.
(٣) بدائع الأفكار : ٤٢٦.
(٤) في نسخة (ب) : فيكونان حتى لو كان.