الأصول ؛ فالعبرة في المقام بإطلاق أخبار التخيير وعدمه لا بكونه ظاهريّا أو واقعيّا ، انتهى.
أقول : ملخّص الوجه الأول أنّ حال الخبرين ـ بناء على الطريقيّة ـ كحال الموضوعيّة ، بل يرجع إليها ؛ وذلك لأنّ الخبر وإن كان طريقا إلى الواقع إلا أنّ موضوع التخيير ـ وهو التعارض ـ سبب له ، فيكون مثل تزاحم الواجبين في أنّه مخيّر بينهما دائما ؛ إذ ما دام الموضوع ـ وهو التعارض ـ بتحقق التخيير ففي الواقعة الثانية التعارض موجود ، فحكمه ـ وهو التخيير ـ لا بدّ أن يكون موجودا.
وأنت خبير بما فيه ؛ إذ لو فرضنا عدم الإطلاق في الأخبار كما هو مفروض الشيخ والمفروض أنّه بناء على الطريقيّة لا يعلم المناط والمصلحة في جميع الوقائع بخلافه بناء على السببيّة ، فلا يمكن الحكم بالاستمرار ولو كان الموضوع موجودا ؛ إذ يمكن أن يكون التعارض سببا للتخيير البدوي ، فمن أين نعلم الاستمرار ففي كل واقعة التعارض سبب التخيير (١) البدوي ، إذ التعارض الذي هو السبب هو التعارض الأولي ، ولم يتجدد بعد تعارض آخر حتى يتجدد تخيير آخر ، وهذا بخلاف التخيير في الخصال ؛ فإنّ السبب هو العصيان (٢) وقد تكرّر ، ولعمري إنّه واضح والحكم بالاستمرار من جهة ما ذكره نظير أن يقال : إنّ خيار الغبن استمراري وليس فوريا ، وذلك لأنّ موضوع الخيار ـ وهو بيع المغبون فيه ـ وهو متحقق دائما فينبغي أن يكون الخيار دائما ، وإن لم يكن الدليل مطلقا.
هذا وأمّا ما ذكره ثانيا في وجه التأمّل فأجنبي عن مقالة الشيخ (قدسسره) (٣) ؛ إذ نظره ليس (٤) إلى التخيير المستفاد من الأخبار بل إلى حكم العقل بناء على السببيّة ، ووجود المناط ولا دخل له بالإطلاق وعدمه ، ولعلّه فهم من كلام الشيخ أنّه يريد أن يتمسك بالأخبار ويحمل التخيير فيها على الواقعي ، نظير تزاحم الواجبين ، وقد عرفت أنّه ليس كذلك ، وإلا لم يحتج إلى التنظير بتزاحم الواجبين.
__________________
(١) في نسخة (د) : سبب للتخيير.
(٢) في نسخة (د) : وهو العصيان.
(٣) أثبتناه من نسخة (د).
(٤) لا توجد كلمة «ليس» في نسخة (د).