فيها النصان ، بخلاف التخيير مع جريان تلك الأصول ، فإنّه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل (١) ثالث في موردهما.
هذا ؛ ولكن الإنصاف أنّ أخبار التخيير حاكمة على هذا الأصل وإن كان جاريا في المسألة الأصوليّة ؛ لأنّ موردها بيان حجيّة أحد المتعارضين كمؤدى أدلّة حجيّة الأخبار (٢) فهي دلالة على مسألة أصوليّة وليس مضمونها عمليّا صرفا ، ومن المعلوم حكومتها على مثل هذا الأصل كما أنّها حاكمة على تلك الأصول الجارية في المسألة الفرعيّة ، فلا فرق بين أن يرد (٣) في موارد هذا الدليل المطلق اعمل بالخبر الفلاني المقيّد لهذا المطلق وبين قوله اعمل بأحد هذين المقيّد أحدهما له ، انتهى ملخصا.
فإنّ الإنصاف أنّ نظر أخبار التخيير ليس إلى المرجع عند عدم العمل بهما وأنّه الأصل أو الدليل المتأخر رتبة عنهما ، بل مساقها أنّه لو ورد خبران في واقعة ولا ندري الحق منهما فالحكم هو الأخذ بأحدهما ، ثمّ إنّ ما ذكره من الحكومة إن أراد أنّها تثمر مع فرض الانصراف فهو ممنوع ؛ إذ مع الانصراف لا نظر إلى الخبرين في قبال المطلق حتى يكون حاكما وإن أراد أنّها تثمر مع عدم الانصراف فقد عرفت عدم الفرق ـ بعد عدم الانصراف ـ بين كون مفادها التخيير الأخذي والعملي ، وإن أراد أنّها منصرفة من حيث هي إلا أنّها لما كانت على فرض كون التخيير أخذيّا حاكمة فلا تكون منصرفة.
وبعبارة أخرى ؛ لسان الحكومة يمنع عن الانصراف فهو كما ترى! إذ هو شبه الدور فلا تغفل (٤).
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ الرجوع إلى المطلق ومع ورود هذين الخبرين مشكل
__________________
(١) لا توجد كلمة «دليل» في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (ب) هكذا : أخبار الآحاد.
(٣) لا توجد كلمة «أن» في نسخة (ب).
(٤) لعل الوجه في شباهته بالدور أنّ لسان الحكومة في ظرف النظر إلى الخبرين ، ومع افتراض الانصراف فلا نظر فلا حكومة ، فإذا فرضنا أنّ الانصراف مانع عن الحكومة ومن طرف آخر فرضنا أنّ الحكومة توجب عدم الانصراف بلحاظ لسانها من النظر تحقق شبه الدور لا الدور ؛ لكونه غير واضح على كلا شقي التخيير العملي والأخذي.