على طبق مضمونه ، والسرّ في ذلك أنّ الشك في مورد شك في المسألة الأصوليّة وإن لم يكن الحكم حكما أصوليّا .. مثلا إذا قال أكرم العلماء وقال إذا ورد لا تكرم زيدا فلا تكرمه يقدم عليه ولو كان هذا في ضمن عموم بأن يقول كلّما أخبرك زيد فاعمل بخبره على وجه يكون حكما عمليّا لا إثباتا لحجيّة خبره ، ففي مقامنا إذا كان مفاد أخبار التخيير أنّه عند ورود الخبرين المتعارضين يكون مخيّرا ، وكان شاملا بإطلاقه لما إذا كان أحدهما على خلاف (١) مثلا فيكون مقدّما على ذلك المطلق ، إذ لا فرق بين حجيّة الخبر وبين وجوب العمل بمفاده ، وهذا بخلاف ما إذا قال إذا شككت في الواقع فاعمل بالحالة السابقة ، فإنّ الدليل الاجتهادي أي المطلق مثلا رافع للشك في الواقع.
والحاصل : أنّ المعيار كون النظر في جعل الحكم العملي إلى الشك في الواقع وعدمه (٢) ففي الأصول العمليّة يكون موضوعها الشك (٣) وفي (٤) المقام ليس الموضوع ذلك بل إخبار المخبر وإن لم يكن العمل به على أنّه حجّة ، فتدبّر.
ومن ذلك يظهر ضعف ما ذكره الشيخ المحقق في الرسالة (٥) في مسألة أصل البراءة حيث قال : إنّ أخبار التخيير مسوقة لبيان عدم جواز طرح قول الشارع والرجوع إلى الأصول المقرّرة لحكم صورة فقدان قول الشارع فيهما (٦) ، والمفروض في المقام وجود قول الشارع ولو بضميمة أصالة الإطلاق ، والفرق بين هذا الأصل وتلك الأصول أنّها عمليّة فرعيّة عند فقد الدليل ، وهذا الأصل مقرّر لإثبات كون الشيء ـ وهو المطلق ـ دليلا وحجّة عند فقد ما يدل على عدمه ، فالتخيير مع عدم (٧) جريان هذا الأصل تخيير مع وجود الدليل الشرعي المعيّن لحكم المسألة المتعارض
__________________
(١) في نسخة (د) : خلاف مطلقا.
(٢) لا توجد كلمة «وعدمه» في نسخة (ب).
(٣) لا توجد كلمة «الشك» في نسخة (ب).
(٤) أثبتناها هكذا من نسخة (د).
(٥) فرائد الأصول : ٤ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.
(٦) في النسخة (ب) و (د) : فيها.
(٧) لا توجد كلمة «عدم» في نسخة (ب) و (د).