لا تعريفه بالاقتران.
قلت : لما كانت المزيّة الموجودة في الخبر إنّما توجب التقديم من حيث اتصاف الخبر واقترانه بها صحّ أن يقال إنّ الاقتران سبب بل في الحقيقة الأمر كذلك ؛ إذ وجه تقديم خبر الأعدل مثلا اتصافه بأعدليّة (١) .. وهكذا.
هذا ؛ ويظهر من القوانين (٢) إمكان (٣) كون الاستعمال المذكور في التعريف على الحقيقة بدعوى أنّ التراجيح (٤) قد يكون بمعنى الاختيار ، وقد يكون بمعنى الرجحان كما في قولهم الترجيح بلا مرجّح محال مثلا ، فإنّ الأول بمعنى الاختيار والثاني بمعنى الرجحان فيكون تعريف الترجيح بالاقتران من باب المعنى الثاني.
وأنت خبير بما فيه ؛ إذ لم يستعمل الترجيح بمعنى الرجحان إلّا مجازا ؛ للعلاقة المذكورة ، ولفظ المرجّح في قولهم بمعنى الموجب للرجحان ، ولا وجه لحمله على ما ذكره ، ولعلّه يخيل أنّ الفاعل للترجيح لا بدّ أن يكون شخصا عاقلا ولا يكون في العبارة (٥) كذلك ، فلا يمكن حمله على المعنى الأول مع أنّه أعم كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الترجيح ليس بمعنى الاختيار أيضا ؛ لظهوره في الإسناد إلى الفاعل المختار ولا يختص الترجيح به بل بمعنى التقديم وجعل الشيء راجحا ، أو لنسبته (٦) إلى المرجحات كما هو شأن باب التفعيل ، حيث إنّه قد يكون بمعنى إيجاد الفعل ، وقد يكون بمعنى النسبة إليه كالتضييق ، وكيف كان (٧) قد يعرف في الاصطلاح ـ كما عن الزبدة (٨) ـ بتقديم إحدى الأمارتين على الأخرى ، ولعله الأنسب (٩) بظاهر اللفظ مع إنّه لم يثبت الاصطلاح الجديد كما ادّعاه العضدي ، ودعوى أنّ الترجيح ليس بمعنى
__________________
(١) في نسخة (د) هكذا : بأعدليّة راويه.
(٢) قوانين الأصول : ٣٩٦.
(٣) لا توجد كلمة «إمكان» في نسخة (ب).
(٤) في نسخة (ب) و (د) : الترجيح.
(٥) في نسخة (ب) هكذا : العبارة المذكورة.
(٦) في نسخة (د) : ولنسبته.
(٧) لا توجد كلمة «وكيف كان» في النسخة (ب).
(٨) حكاه عن زبدة الأصول صاحب مفاتيح الأصول : لاحظ ص ٦٧٩.
(٩) في نسخة (د) هكذا : ولعله لأنّه.