وبالتوقف على الثاني (١) ، ولازمه الرجوع إلى الأصل الموافق إن كان ، ومع عدمه فالتخيير بحكم العقل ؛ لأنّ المفروض عدم جواز الرجوع (٢) إلى الثالث لكن لا يخفى أنّ العقل على هذا لا يحكم بأزيد من وجوب العمل على طبق أحدهما ولا يدل على حجيّتهما حينئذ ولو تخييرا ؛ فإنّ لازم عدم الخروج عنهما ليس أزيد من ذلك ، وقد مرّ أيضا أنّ بعضهم سلك مسلكا آخر وهو عدم شمول الدليل التعارض (٣) لا بالبيان الذي ذكرنا ، بل موافقا للدليل المشهور المذكور هناك (ثمّ حكم) (٤) بالتوقف على تقدير الطريقيّة والتخيير على تقدير الموضوعيّة من جهة العلم بالمصلحة فيهما على الثاني دون الأول ، وقد مرّ أنّ العكس أولى ؛ وذلك لأنّه لا يمكن أن يستكشف المصلحة (٥) وهو الإيصال النوعي إلى الواقع معلومة.
ثمّ إنّهم يجعلونهما من باب الواجبين المتزاحمين بناء على الموضوعيّة ، ولا يخفى أنّه وإن كانا مثل الواجبين في أنّ كلّا منهما واجب العمل واقعا في حدّ نفسه مثلهما إلا أنّه فرق بينهما من حيث إنّ في الواجبين إذا كان أحدهما واجب التقديم من جهة الأهميّة أو نحوها لا يسقط الآخر عن الوجوب الشأني فلو أتى به نسيانا بل وعصيانا أيضا صحّ بخلاف الخبرين إذا كان مع أحدهما مرجّح معتبر ؛ فإنّ الآخر يسقط عن الحجيّة رأسا ، فلو عمل به المكلّف لم يجد شيئا وإن كان نسيانا كما لو عمل بخبر الفاسق ، والتزام كونهما مثلهما في هذا الوجه أيضا بعيد غايته ، كما أنّ التزام عدم صحّة غير الأهم وإن كان إتيانه نسيانا أيضا كذلك ، فالتقديم في مسألة الواجبين من باب التكليف في التكليف ، وفي المقام من باب التقييد.
__________________
(١) هذا وإن كان في بدو النظر صحة ما نقله السيد قدسسره هنا عنه إلا أنّه قد صرّح الشيخ بأنّ نتيجة التوقف التخيير أيضا ، على تفصيل بين حال التكافؤ وعدمه فراجع له الفرائد ٤ / ٧٥ ، وراجع نظر الشيخ في التفصيل بين الطريقيّة والموضوعيّة فرائد الأصول : ٤ / ٥١ ـ ٥٥ ، وكذا راجع ٤ / ٤٨.
(٢) قد كتب في هامش النسخة هكذا : من هنا إلى ورقتين بعدها سقطت من النسخ فأعيدت كتابة الورقة وأول هذه الصفحة ـ عدم جواز الرجوع ـ ، أقول سيظهر بعض الاختلافات في ما سيأتي ثمّ تتوقف النسخة وسنشير إليه في محله.
(٣) في نسخة (ب) و (د) : لصورة التعارض.
(٤) مثبتة من النسخة (ب) و (د).
(٥) جاء بعدها في نسخة (د) : بعد شمول الدليل نعم بناء على الطريقيّة ...