ومن ذلك يظهر ضعف ما في الفصول (١) من الجواب بجواز اختيار كل من الوجهين وأنّ مجرّد الموافقة للقطعيّات لا يستلزم عدم الحاجة إلى العرض ، فإنّ ذلك مسلّم إلا أنّك قد عرفت أنّ الكلام في صورة كون كلّ من الخبرين حجّة في حدّ نفسه ، هذا ولا فرق فيما ذكرنا من العرض على الظواهر ـ أي العمومات والإطلاقات ـ بين القول بحجيّة الظواهر وعدمها ، إذ يمكن أن يكون الشيء مرجّحا مع عدم حجيّته ؛ كالشهرة وأيضا لا فرق بين القول بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد وعدمه ، إذ على القول بالعدم لا يخرج الخبر من حيث هو عن الحجيّة حتى يخرج عن المقام وإن كان لو لا المعارض لا يخصص الكتاب به ؛ فتأمّل!
ثمّ إنّ ما ذكره من قلّة الآيات المتعلقة بالمقام ممنوع ، إذ لا يخفى كثرة العمومات المستنبطة منها الأحكام ، مع إنّ القلّة لا تستلزم عدم المرجحيّة في ذلك المقدار ، أو عدم تقدم هذا الترجح على بقيّة المرجحات بناء على تقدمه وهذا واضح.
ومن ذلك يظهر حال سائر ما ذكر في الإشكال ، وعليك بالرجوع إلى الفصول فإنّه أوضح المطلب كمال الإيضاح ، وأفصح عن دفع الإشكال كل إفصاح ، وتمام ما ذكر إلا ما أومأنا إليه ؛ فتدبّر!
وأورد في المناهج (٢) على الترجيح بموافقة السّنّة بأنّ المراد من السنّة الطريقيّة (٣) ، لعدم ثبوت النقل في لفظ السنّة ، وهي غير معلومة إلا من جهة الإجماع أو الحديث ، والأول إذا تحقق لم يكن الخبر المخالف حجّة ، لكونه مخالفا للإجماع ، والحديث لا يفيد هنا لاختلافه.
وفيه : إنّ المراد من السنّة الأخبار النبويّة العامّة والمطلقة ، وعلى فرض كون المراد منها الطريقيّة (٤) فالمراد الطريقة المعلومة والمظنونة على (نحو) (٥) العموم ، وحينئذ فإذا علمنا ورود عامّ عن النبي صلىاللهعليهوآله ، أو نقل لنا بخبر الواحد وكان هناك خبران
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٤٢٤.
(٢) لم نعثر عليه في مناهج الأصول للفاضل النراقي.
(٣) في نسخة (د) : الطريقة.
(٤) جاءت في نسخة (د) : الطريقة.
(٥) أضفناها من نسخة (د).