متعارضان خاصّان : أحدهما يوافق ذلك العموم ؛ نقول بوجوب تقديمه كما في موافق الكتاب وهذا واضح ، وكذا المراد من موافقة أحد الخبرين لأخبارهم المعلومة ، فإنّ المراد موافقته لعموماتها ، فإذا كان هناك عامّ منقول عن أحد الأئمة عليهمالسلام على وجه القطع مثل قوله عليهالسلام «لا يحلّ مال امرئ إلا بطيب نفسه» (١) ، وتعارض خبران خاصان بمورد فيقدم ما هو موافق لهذا العموم.
ومن هنا يظهر ضعف ما في المناهج من الإشكال على هذا المرجّح أيضا بأنّ المراد من قوله عليهالسلام «أحاديثنا» الأحاديث المعلومة عنهم عليهمالسلام ، وهي غير موجودة لنا.
وأورد على الترجيح بالأحدثيّة بأنّه خلاف الإجماع ؛ قال بعض الأفاضل : وأمّا تأخر الوارد فهو باطل في أخبار الإماميّة اتفاقا ، كما صرّح به الفاضل التوني (٢) إلا من الصدوق ـ عليه الرحمة ـ في بعض مسائل الوصيّة ؛ نظرا إلى أنّ إمام العصر أعرف بما قال ، لا إلى هذه الأخبار الدالّة عليه ، والحق أنّه ليس مخالفا (٣) في المسألة ؛ لأنّ الكلام في كون التأخر مرجّحا من حيث هو ، حتى لو كان في كلام إمام لأخذنا [به] ، وكلامه مبني على أنّ كل إمام عليهالسلام أعرف بما قال ، وهو غير ما نحن فيه ، كما لا يخفى ، والأخبار الدالّة عليه غير معمول بها في أخبار الإماميّة ، وأمّا النبويّة فلا بأس بها إلا أنّها خارجة عنها ، لما في تلك الأخبار من التصريح بورودها في الأول ، وتوجيهها بحمل المتأخر على التقيّة كما فعله بعض منظور فيه ، كما ننبّه عليه في ذكر المرجحات ؛ انتهى.
أقول : لم يدّع الفاضل التوني الاتفاق على عدم اعتبار هذا المرجّح ؛ بل قال ـ بعد نقل الأخبار ـ (٤) : وهذه الثلاثة دالّة على أنّ الواجب الأخذ بالرواية الأخيرة ، ولا أعلم أحدا عمل بها غير ابن بابويه في الفقيه .. في باب الرجل يوصي إلى رجلين ، حيث نقل خبرين مختلفين ثمّ قال : ولو صحّ الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بالأخير ،
__________________
(١) الكافي : ٧ / ٢٧٣ حديث ١٢ ، الفقيه : ٤ / ٦٦ حديث ١٩٥ ولفظه فيه «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه» ، مسند أحمد : ٥ / ٧٢.
(٢) الوافية : ٣٣١.
(٣) في نسخة (د) : ليس أيضا مخالفا.
(٤) الوافية : ٣٣٣.