موجودة في الواقع ، والمفروض عدم العلم بها ، فيجوز له العمل بالظنّ في تحصيلها فإنّ باب العلم بالواقع منسد ، وإنّما المنفتح باب العلم بالطرق ، بناء على حجيّة خبر الواحد ، وإذا فرضنا أنّ غالب أخبار الآحاد متعارضة ، وأنّ الغالب وجود التراجيح الواقعيّة الغير المعلومة ، فيرجع الأمر إلى انسداد باب العلم (١) بالأحكام وبالطرق ، ومقتضى القاعدة حينئذ التخيير بين العمل بالظن بالواقع أو بالطريق ، خلافا لصاحب الفصول (٢) ؛ حيث يعيّن العمل بالظن بالطريق ، والمحقق (٣) الشريف (٤) ، وفاقا للمحقق القمي حيث يقولان بتعين العمل بالظنّ بالواقع (٥).
فنحن وإن لم نقل بحجيّة مطلق الظنّ أولا إلا أنّه إذا فرض الأمر كما قلنا ـ من انسداد باب العلم بالتراجيح ـ فنرجع إلى العمل بالظن ، وحيث إنّ الواقع لم يقيّد بالطريق ، وأنّ الشارع جعل لنا هذه الطرق في عرض الواقع ، فنكون مخيّرين بين العمل بالظن بالواقع ، أو بالطريق ، ولا يرجع إلى الظن المانع والممنوع كما لا يخفى ؛ لأنّ الظنّ بأنّ راوي هذا الخبر أعدل ، وإن كان ظنّا بالمسألة الأصوليّة إلا أنّه ليس باقيا ، لحجيّة الظن بالواقع إذا فرض حصوله من الخبر الآخر ، فالمقام ـ على (٦) الفرض المذكور ـ نظير ما إذا علمنا بحجيّة خبر العادل ولم يمكن لنا تحصيل العلم بعدالة الرواة كليّة ، أو انسد (٧) باب العلم بجميع التراجيح بشرط آخر من شروط حجيّة الخبر ؛ هذا إذا انسد باب العلم بجميع التراجيح.
وأمّا إذا انفتح باب العلم بجميعها إلا واحدا مثلا ، فلا يجوز فيه العمل بالظنّ بل يرجع ـ مع عدم العلم الإجمالي ـ إلى إطلاق أخبار التخيير إن أمكن نفيه بالأصل ، وإلى الأصل إن لم يمكن ، ومع العلم الإجمالي بوجود ذلك المرجّح في كثير من
__________________
(١) لا توجد كلمة «العلم» في نسخة (د).
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٧٨.
(٣) في نسخة (د) : وللمحقق.
(٤) انظر ضوابط الأصول ـ ص ٢٦٦ ـ حيث حكى قول أستاذه شريف العلماء ، ومفاتيح الأصول للسيد المجاهد : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٥) قوانين الأصول : ١ / ١٧٩ ، وفي طبعة أخرى : ٤٤٠.
(٦) جاءت كلمة «أعم» بدل من كلمة «على» في نسخة (د).
(٧) في نسخة (د) : إذ انسد.