مدفوعة ببعد ذلك عن العبارة كما لا يخفى! كيف ولو (١) كان كذلك لوجب أن يسأل عن صورة وجود بعض هذه الصفات ، أو تعارض بعضها مع بعض ، مع إنّهما من الأفراد الغالبة المتبادرة إلى ذهن كلّ أحد ، فهذه الفقرة أيضا دليل على التعدي إلى مطلق الصفات ، نعم لا يستفاد منها التعدي إلى سائر المرجّحات ممّا لا يرجع إلى الصفات.
ومنها : تعليله الأخذ بالمشهور بقوله عليهالسلام «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» بعد معلوميّة أنّ مجرّد كون الخبر معروفا مشهورا بين الأصحاب لا يوجب كونه ممّا لا ريب فيه من جميع الجهات ، فيكون المراد أنّه لا ريب فيه بالنسبة إلى الخبر الشاذ ، بمعنى أنّه يحتمل في الشاذ أن يكون كذبا وأن يكون تقيّة ، وهذان الاحتمالان إمّا منتفيان في الخبر المشهور أو بعيدان عنه ، فيدل بمقتضى وجوب الأخذ بعموم العلّة أنّ كلّ خبرين يكون أحدهما لا ريب فيه في جهة من الجهات بالنسبة إلى الآخر يجب الأخذ به ، وإنّما قلنا إنّ مجرّد الشهرة لا يقتضي كونه ممّا لا ريب فيه من جميع الجهات ؛ لأنّه ـ مضافا إلى وضوحه في نفسه من حيث إنّه يمكن أن لا يكون صادرا أو لا يكون المراد ظاهره ـ لو كان كذلك لم يكن معنى لكونهما معا مشهورين ؛ إذ لا يمكن كون كلا الخبرين قطعي السند والدلالة ، ولم يكن وجه لتأخره عن الصفات ، ولم يكن وجه للرجوع بعده إلى سائر المرجّحات.
ودعوى أنّ حيثيّة الدلالة خارجة عن المقام ، ويمكن حمله على كون المراد أنّ المشهور قطعي السند بخلاف غيره ، ومعه يمكن أن يكونا معا مشهورين ، ويمكن الرجوع إلى سائر المرجّحات فإنّه لا منافاة بين كونهما قطعيين والرجوع إلى مخالفة العامّة أو موافقة الكتاب.
مدفوعة :
أولا : بأنّه لا وجه مع هذا أيضا لتأخره عن الصفات ، إلا أن يمنع كون الصفات للراوي ، بل هي من مرجحات الحكمين.
وثانيا : إنّه على هذا أيضا يكون دليلا على المختار ؛ إذ على هذا أيضا يكون ممّا لا
__________________
(١) في النسخة : كيف لو ...