من باب ذكر العام بعد الخاص ، فعلى هذا جميع الصفات من المرجّحات المنصوصة.
ومن هنا يمكن أن يقال ـ بناء على عدم التعدي عن المنصوصات ـ بالتعدي بالنسبة إلى الصفات كما أشرنا إليه آنفا ، وهذا الوجه من الاستدلال أولى ممّا ذكره المحقق الأنصاري في الرسالة ، حيث لم يدرج الصفات في الأصدقيّة والأوثقيّة ، بل قال : إنّه يفهم من اعتبارهما أنّ المدار على أقربيّة الواقع ، لا على خصوصيّتهما ، بخلاف سائر الصفات من الأعدليّة والأفقهيّة ، فإنّهما يحتملان الأقربيّة الحاصلة من السبب الخاص ، وجه الأولويّة : أنّه يرد على بيانه إمكان دعوى عدم الفرق بينهما وبين غيرهما من الأعدليّة وأختيها في أنّ الظاهر من اعتبارها كونها موجبة للأقربيّة ، لا من حيث هي هي ، إذ من المعلوم أنّ وجه تقديم الأعدل ليس أنّ الأعدل أولى بالاحترام من العادل في سماع خبره وهكذا ..
وكذا في (١) الأصدقيّة والأوثقيّة ، وكما يحتمل كون الأعدليّة معتبرة من حيث كونها سببا خاصا في الأقربيّة ، فكذا يحتمل ذلك في الأصدقيّة والأوثقيّة ، فكلّها سواء في أنّ المناط فيها الأقربيّة لا مجرّد الاحترام مثلا ، وسواء أيضا من حيث احتمال كون معيار الأقربيّة من السبب الخاص.
وأمّا على ما ذكرنا فلا يرد هذا الإيراد ، وذلك لأنّا أدرجنا جميع الصفات في الصفتين المذكورتين ، ومنها قول الراوي «قلت فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر» ، فإنّه فهم من كلام الإمام عليهالسلام أنّ المعيار وجود زيادة لأحد الراويين على الآخر ، ولذا لم يذكر من المذكورات إلا العدالة ، وذكر المرضي ، مع إنّه ليس في كلام الإمام عليهالسلام ، وقال لا يفضل واحد منهما ، يعني في أمثال الصفات المذكورة ، والإمام عليهالسلام قرّره على فهمه هذا.
ودعوى إمكان كون المراد لا يفضل واحد منهما في الترجيح المذكور ، وهو اجتماع الصفات المذكورة ـ يعني ليس أحدهما جامعا لهذه الصفات دون الآخر ـ فلا يكون لأحدهما فضل.
__________________
(١) لا توجد كلمة «في» في نسخة (د).