أحكامهم للواقع ، وإمّا من جهة كون الموافقة أمارة على التقيّة ، فعلى الأول نمنع كون غلبة المخالفة موجبة للأخذ بالمخالف إذا لم يفد الظن ؛ بل لا نتحاشى من دعوى إفادة الغلبة ـ في مقام التعارض ـ للظن بحقيّة المخالف.
وأمّا على الثاني فلا ربط له بالترجيح بالأقربيّة والأبعديّة ، بل يكون الأخذ بذي المرجّح حينئذ من باب التعبّد بمجرّد احتمال التقيّة ، ولا نتحاشى عن الأخذ بهذا المرجّح بخصوصه مجرّدا عن الظن ، نظرا إلى إجماع العلماء عليه ، واستقرار بنائهم على الترجيح بمجرّد المخالفة ؛ انتهى.
وغرضه من هذا الكلام أنّه لا يستفاد من التعليل المذكور التعدي إلى كل مزيّة ، وإن لم تفد الظن الفعلي ، وأنت خبير بأنّ غلبة كون الحق في خلافهم لا توجب الظنّ الفعلي في كلّ مقام ، مع أنّ الإمام عليهالسلام أطلق وجوب الأخذ به بالتعليل المذكور ، فيدل على التعدي إلى كل ما يكون من هذا القبيل أي ما يفيد الظنّ النوعي ، وأمّا ما ذكره من عدم كون غلبة التقيّة موجبة للأمر به (١) ؛ ففيه ما لا يخفى! إذ لا فرق بين هذه الغلبة وغلبة كون الحق في خلافهم ، فكيف تفيد تلك الظن الفعلي في جميع مقامات التعارض ، وهذه لا تفيد الأقربيّة أيضا ، مع أنّه بناء عليه يدل ـ بمقتضى عموم التعليل ـ إلى كل ما يكون من قبيله ، وهذا واضح.
هذا ؛ ولا يخفى أنّ المستفاد من الفقرات المذكورة التعدي إلى ما يكون من سنخ المذكورات ممّا يوجب قوّة الخبر في طريقيّته ، ولا يكفي من الصفات ما لا يكون كذلك ، وكذا غيرها من المزايا ، فلا يرجح بكل احتمال ، وبكل أقربيّة إلى الواقع إذا لم تكن ممّا يوجب القوّة نوعا ، ولا يعتبر حصول الظنّ الفعلي منها ، كما إنّه لا اعتبار بالظنّ الفعلي بالواقع أو بالصدور إذا لم يكن حاصلا ممّا يكون نوعه موجبا للقوّة والأقربيّة ، كالحاصل بالاستحسان والقياس والنوم (٢) ؛ ونحو ذلك من الطرق الغير المعتبرة عند العقلاء.
__________________
(١) في نسخة (د) : للأقربيّة. وهو الصواب لما سيأتي.
(٢) المقصود أنّه لا يتحقق من هذه الأمور ظن نوعي بل لا يتعدى عن كونه ظنّا مختصا بالشخص الذي تحقق عنده استحسان أو شكل قياسي.