ودعوى أنّ المستفاد من قوله «لا يفضل» أنّ المدار على مجرّد الزيادة ، ولازمه كفاية مجرّد وجود احتمال في أحدهما مفقود في الآخر ، وكذا من قوله عليهالسلام «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» ، بعد حمله على الريب النسبي.
مدفوعة : بأنّ المراد من الفضيلة ما يكون فضيلة في نظر العرف ، فمثل الحريّة والعبديّة والأعدليّة في الجملة ، والأورعيّة كذلك ممّا لا يعتنى به عند العقلاء ، ويعدّ عندهم الخبران من المتساويين ، لا اعتبار بها (١) ، وإن كانت زيادة بحسب الدقّة العقليّة ، وكذا المراد من الريب : الريب العرفي ، ومن المعلوم عدم صدقه عرفا بمجرّد وجود بعض الاحتمالات ، وهذا ليس تقييدا في الخبر ، كما لا يخفى! بل هو انسياق عرفي (٢) ، ففي المنصوصات أيضا مثل الأعدليّة لا اعتبار بكل أعدليّة ، وإن كانت زيادة يسيرة ، وهذا واضح بعد عدم كون الرجوع إليها من باب التعبد ، بل من باب الأقوائيّة في الطريقيّة ، كما هو المفروض ؛ بناء على التعدي والمعلوم من حيث هو ، ألا ترى أنّه لو دار أمر أهل العرف في الرجوع إلى أهل الخبرة بين شخصين ، وكان أحدهما أخبر في الجملة لا يقدمونه حينئذ ، بل يتوقفون ويجعلونهما متساويين ، فلا وجه للدعوى المذكورة.
كما لا وجه لدعوى أنّ المستفاد من قوله عليهالسلام «فإنّ الرشد في خلافهم» أنّ المدار على الظن بالحقية وإن لم يكن حاصلا من الأمور المتعارفة ، وكذا من قوله عليهالسلام (٣) «وأصدقهما» ؛ وذلك لأنّ المستفاد من الفقرة المذكورة الاعتبار بما يكون الحق معه غالبا ، أو يكون خلافه كذبا غالبا ؛ لأنّه كأنّه قال خذ بخلاف العامّة ؛ لأنّ الغالب كون الرشد في خلافهم فلا بدّ من تحقق مثل هذه الغلبة في مورد التعدي أيضا ، وكذا
__________________
(١) في النسخ : لا اعتبار به.
(٢) مرّ سابقا لفظ السّوق ، ويذكر الآن لفظ الانسياق ، فينبغي التمييز بينهما ، فعندنا ألفاظ ثلاثة : السياق والمساق والانسباق ؛ فأمّا السياق فالمقصود منه ما سيقت لأجله الجملة من معنى يراد تأديته بها في ضمن جمل أخر أو ضمن كلمات أخر ، والمساق هو الغرض الداعي لسوق الجملة ، والانسباق واضح وهو ما يسبق إلى الذهن قبل غيره من المعانى المحتملة في الكلمة أو في الهيئة التركيبيّة.
(٣) من قوله «فإنّ الرشد في ..» إلى هنا لا يوجد في نسخة (د).