(المناط) (١) المستفاد من قوله «وأصدقهما» الظن بالواقع ؛ الذي استفيد من مثل الأصدقيّة ، كما يكون من الأسباب للظن نوعا ، فعلى هذا لا نتعدى إلى كل ما ذكره الأصوليون من المزايا التي سنذكرها.
ثمّ لا يخفى أنّه لا فرق في المرجح الذي يوجب التقديم بين أن يكون مفيدا للظن النوعي بالواقع أو لا ، أو بواسطة الظن بالصدور نوعا ؛ لأنّه وإن كان النظر إلى الواقع والأقربيّة إليه ، لكن يكفي الأقربيّة إلى الصدور ؛ لأنّها أقربيّة إلى الواقع ، بل يكفي إذا كان موجبا لأقربيّة الخبر الآخر إلى خلاف الواقع ، وإلى الكذب ، فقوة أحد الخبرين إمّا بضم ما يوجب أقربيّته إلى الواقع إليه ، وبعبارة أخرى .. بأمارة على حقيته أو بأمارة على عدم حقيّة الآخر ، لقوله عليهالسلام «فإنّ الرشد في خلافهم» فإنّ غلبة كون الرشد في خلافهم أمارة على بطلان الخبر الموافق ، لا على حقيّة المخالف ، لعدم انحصار خلاف العامّة في مفاد الخبر المخالف ، إلا أن يعلم من الخارج حقيّة أحد الخبرين واقعا ؛ وهو نادر.
والحاصل أنّ المرجّح قسمان : قسم يكون موجبا لأقربيّة هذه إلى الواقع ، وقسم يكون موجبا لأبعديّة الآخر عنه ، وهذا أيضا نوع قوّة في الخبر ، كما لا يخفى ، ولا فرق في هذا بين ما اخترنا من الاعتبار بالأمارة المفيدة للظن النوعي ، وبين القول بكفاية مجرّد الاحتمال ، وبين القول باعتبار الظن الشخصي ، إذ القائل بكفاية مجرّد الاحتمال أيضا له أن يقول : وجود احتمال البطلان في أحدهما دون الآخر من جهة من الجهات موجب لرجحانه ، والقائل باعتبار الظن أيضا له أن يقول بكفاية الظن ببطلان الآخر أو كذبه ، وإن لم يحصل الظنّ بصدق هذا (٢).
ثمّ إنّه قد يستدلّ على المختار من التعدي بقوله عليهالسلام «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٣) فإنّ الخبر المقرون بمزيّة من المزايا لا يريب بالنسبة إلى الآخر ؛ لمكان وجود احتمال من كذب أو تقيّة أو نحوهما في الثاني دون الأول.
__________________
(١) كلمة غير مقروءة ، وأثبتناها من نسخة (د).
(٢) في نسخة (د) هكذا : بصدقه هذا ...
(٣) عوالي اللئالي : ١ / ٣٩٤ حديث ٤٠ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ١٢ حديث ٥٤.