وفيه :
أولا : إنّ المراد منه الاحتياط والعمل بما لا ريب فيه مطلقا ، ولازمه العمل بالاحتياط في المسألة الفرعيّة ، إلا أن يقال إنّ المفروض إذا كان عدم وجوب الاحتياط في المسألة الفرعيّة وأن المدار على التخيير أو العمل بالأرجح ، فيكون الثاني ممّا لا ريب فيه بقول مطلق ، فهو نظير الاحتياط في المسائل الفرعيّة من بعض الجهات دون بعض ، مثلا إذا شكّ في وجوب السورة ، فإتيانها ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى تركها ، وإن لم يعلم معه بصحّة الصلاة من جهات أخرى ، فيمكن التمسك بهذا الخبر للاحتياط من الجهة المذكورة ، ففي المقام أيضا إذا ترك العمل بالمرجوح وعمل بالأرجح ؛ فقد ترك ما فيه ريب إلى ما لا ريب فيه ، بعد عدم وجوب الاحتياط الكلي بالمفروض (١).
وثانيا : إنّ الخبر محمول على الاستحباب أو الإرشاد ، بناء على ما حقق في محلّه من عدم وجوب الاحتياط في الشبهات البدويّة ، ومسألة الأقل والأكثر (٢).
وثالثا : إنّ هذا الخبر يدل على وجوب الاحتياط عند عدم الدليل على خلافه ، فلا يكون معارضا للدليل ، وبعبارة أخرى : لسانه لسان الاحتياط لا بيان الواقع ، فنقول في مقامنا : ليس العمل بالمرجوح ممّا فيه ريب ؛ لأنّ مقتضى إطلاق أخبار التخيير جواز العمل به فيخرج عمّا فيه الريب ، وليس المراد من الريب احتمال خلاف الواقع حتى يقال إنّه موجود حينئذ أيضا.
وبعبارة أخرى : لو كان مفاده وجوب إدراك الواقع مهما أمكن ؛ أمكن أن يقال يجب الترجيح بمجرّد الاحتمال ، لكن ليس كذلك ؛ بل علّق الوجوب على الريب الغير الموجود في صورة وجود الإطلاق ، كما في المقام ، فهو لا يعارض الدليل ، ولا
__________________
(١) هذه الكلمة غير واضحة ؛ وكأنّه كتبت ثمّ شطب على بعضها. وجاءت في نسخة (د) ٦ بالفرض.
(٢) أمّا بالنسبة للشبهات البدويّة فالمحقق عند الشيخ وجماعة وجوب الاحتياط فيها قبل الفحص وعدمه بعدها وهذا خلاف ما ذكره هنا ، ولعله يقصد المحقق عنده كما مرّ بيان نظره سابقا ، وأمّا بالنسبة للأقل والأكثر فهي محل خلاف فالبعض يختار الاشتغال والبعض يختار البراءة عن الأكثر ؛ هذا على تفصيل ليس هذا محله بين الأجزاء الخارجية والذهنيّة فالتفت!