يخصص الإطلاق كسائر أخبار الاحتياط ؛ فتدبّر!
والحاصل أنّ هذه الرواية ـ على فرض عدم اختصاصها بعدم الريب المطلق من جميع الجهات ، ودلالتها على الوجوب ـ إنّما تنفع لو شك في وجوب الترجيح في قبال التخيير ، ولم يكن دليل من إطلاق أو عموم على عدم الوجوب ، كما في الشبهة الموضوعيّة المصداقيّة ، وأمّا في مثل المقام فلا ؛ إذ هي لا تصلح لتقييد الإطلاقات بل مرافقة (١) لموضوعها ، وهو الريب ؛ بناء على تنزيلها على الريب في جواز العمل وبناء على إرادة الريب من حيث إدراك الواقع فالإطلاقات حاكمة عليها كحكومتها على سائر أخبار الاحتياط كما في سائر المقامات.
ويمكن أن يستدل على عدم التعدي وتعبديّة المرجّحات ـ مضافا إلى العمومات الدالّة على حرمة العمل بغير العلم (٢) ، وخصوص خبر العيون (٣) حيث قال في الخبرين المتعارضين بعد ما ذكر الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة «ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكفّ والتثبت والوقوف .. إلى آخره ـ بإطلاقات أخبار التخيير بعد منع نهوض أخبار الترجيح للدلالة على العمل بكل مزيّة ، ومنع ظهور الفقرات المذكورة في التعدي بما أشرنا إليه في ضمن الاستدلال بها.
والجواب : ما عرفت من تماميّة دلالتها ؛ مضافا إلى الإجماع وبناء العقلاء وما ذكرنا من أنّ مساق أخبار التخيير صورة التساوي ، بحيث يتخيّر المكلّف في مقام العمل ومع وجود ما يقوي أحد الخبرين لا حيرة.
وأمّا خبر العيون ؛ فهو وإن عارض الأدلّة ـ بناء على تماميّة دلالته ـ لكنّها ممنوعة ، فيكون المراد العمل بمثل الظنون القياسيّة والاستحسانيّة (٤) ونحوها لا ما يكون مثل موافقة الكتاب والسنّة ومخالفة العامّة .. ونحوها ، فإنّ الاعتماد عليها في ترجيح أحد الخبرين ليس عملا بالرأي ، مع أنّه يمكن أن يكون المراد لا تقولوا في مقام إثبات
__________________
(١) وردت في نسخة (د) هكذا : بل هي رافعة ...
(٢) في النسخة : العمل.
(٣) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢١ ، عنه : وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٢١.
(٤) أي يكون المنهي عنه هو خصوص الظنون القياسية والاستحسانيّة.