الحكم الشرعي بآرائكم بمعنى لا تعيّنوا الحكم بآرائكم ، فلا يكون ناظرا إلى ترجيح أحد الخبرين على الآخر ، فإنّه قال «وما لم (١) تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم» (٢) ، يعني ردّوا إلينا علم الحكم الشرعي ولا تقولوا فيه بآرائكم ، أي لا تعملوا بالقياس (٣) ونحوه ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ قوله عليهالسلام «وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه» إشارة إلى كون المذكورات فيه من باب المثال ؛ فتدبّر!.
هذا ؛ وقد يقال إنّ المستفاد من سياق أخبار الترجيح التعبديّة والاقتصار ، فهي ظاهرة بمقتضى سياقها في ذلك ظهورا يساوي ظهور بعض الفقرات المذكورة في التعدي على فرض تسليمه ، وذلك لأنّها لو لم تكن تعبديّة ، وكان المدار على مطلق المزيّة لوجب ذكر هذا بنحو القاعدة الكليّة ، ولم يكن وجه للعدول عنها ببيان بعض المرجّحات ، وأيضا يستفاد من كثرة سؤال السائل عن فرض المساواة في بعض المرجّحات ، وجواب الإمام عليهالسلام بالرجوع إلى مرجح آخر أنّه لم يفهم منها إلا التعبديّة والاقتصار دون المثاليّة ، وإلا لم يسأل مرّة ثانية عن صورة المساواة والإمام عليهالسلام قرّره على ذلك ، وإلا لأجاب بأنّ المعيار الأقوائيّة من أي جهة كانت ، أو نبّهه على غفلته عن فهم المراد ، وأيضا لو لا التعبديّة لم يكن وجه للحكم بالتخيير بعد فقد المنصوصات ، بل وجب الإرجاع إلى سائر المزايا.
وفيه : إنّه يمكن أن يقال إنّ تعداد المرجّحات المذكورة وعدم بيان القاعدة الكليّة إنّما هو للإرشاد (٤) إلى مقولاتها ، مع أنّ هذا وارد على جميع الأخبار في جميع الأبواب ، إذ كان يمكن إعطاء الكليّات مع أنّهم ذكروا الأحكام بأمثلة جزئيّة ، ألا ترى أنّه لم يرد في نجاسة الماء القليل خبر بنحو القاعدة الكليّة ، بل هي مستفادة من
__________________
(١) لا توجد كلمة «وما لم» في نسخة (د) ، بل الموجود : لا تجدوه ...
(٢) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢١ ، عنه : وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٢١.
(٣) في نسخة (د) : لا تعملوا فيه بالقياس.
(٤) في النسخة هكذا : للإرشاد لأنواعها فلو بيّنها بنحو القاعدة الكليّة لم يلتفت السائل إلى مقولاتها .. ، وقد وضع خط صغير جدا على تلك العبارة.