والمضموني ، ومثّل للأخير بالمنقول باللفظ وبشهرة الرواية.
أقول : لا يخفى أنّ هذا التقسيم لا يمكن أن يكون بلحاظ مورد الرجحان ، إذ التقسيم إلى الداخلي والخارجي إنّما يكون بلحاظ مورد المرجّح كما هو واضح ؛ ولذا لم يذكر في هذا الموضع أنّ هذا التقسيم بلحاظ مورد الرجحان ، وإنّما ذكر ذلك في الموضع السابق حيث أسقط التقسيم إلى الداخلي والخارجي ، ثمّ لا يخفى أنّه يجعل المرجّح الخارجي نفس الكتاب والأصل ، لا موافقة الخبر لها ، وهو كذلك ؛ خصوصا بناء على مذهبه من أنّ الكتاب معاضد لا مرجّح حقيقة ، ولا يجعل موافقة عمومات الكتاب من المرجّحات كما سيأتي (١) ، فلا يرد عليه أنّ موافقة الكتاب أيضا مزيّة غير مستقلة بنفسها.
ثمّ إنّ المرجّحات الخارجيّة كلّها مرجّحات مضمونيّة ، وإن كانت ربّما ترجح الصدور أيضا بتوسط مرجّحيّتها للمضمون ، فشأنها ترجيح المضمون فقط ، ولذا لم يقسّمها إلى الصدوريّة والجهتيّة والمضمونيّة ، وأيضا المرجّحات الصدوريّة من شأنها ترجيح الصدور وإن كان المضمون يترجح أيضا بتوسط رجحان الصدور ، وكذا المرجّحات الجهتيّة موجبة لرجحان الجهة أولا (وبتوسطه) (٢) لرجحان الصدور أو المضمون بناء على عدّها مستقلّة ، والمرجحات المضمونيّة الداخليّة من شأنها تقوية المضمون ، وبتوسطها قد يقوى الصدور أيضا ، فاندفع بذلك ما أورده عليه بعض الأفاضل حيث إنّه ـ بعد ما قال إنّ هذا التقسيم أنسب التقسيمات وأحسنها وأورد على بعض التقسيمات السابقة بأنّها مستلزمة لصيرورة قسم الشيء قسيما له ـ قال (٣) : لكنّه أيضا لا يخلو عن خدشة لا تليق بمقالة أهل التحقيق :
أمّا أولا فلأنّه عدول عن طريقة القوم بلا فائدة.
وثانيا : إنّ كلّا من الداخلي والخارجي ينقسم إلى مرجّح الصدور أو خبريّة (٤) الجهة أو المضمون ، فلا وجه لتخصيص الداخلي بذلك ، فهو كما لو قسّم الحيوان
__________________
(١) يأتي في : ص ٤٧١.
(٢) أثبتناها من نسخة (د).
(٣) بدائع الأفكار : ٤٣٧.
(٤) لا توجد كملة «خبريّة» في نسخة (د).