وقسّمها في الرسالة (١) باللحاظ الأولي إلى الصدوريّة والجهتيّة والمضمونيّة ، ثمّ قال : وأمّا تقسيم الأصوليين المرجحات السنديّة والمتنيّة فهو باعتبار مورد المرجح لا باعتبار مورد الرجحان ، ولذا يذكرون في المرجّحات المتنيّة مثل الفصيح والأفصح ، والنقل باللفظ والمعنى ، بل يذكرون المنطوق والمفهوم ، والخصوص والعموم .. وأشباه ذلك.
قلت : الظاهر أنّ مراده تقسيمهم لها إلى السنديّة والمتنيّة والخارجيّة ، وإلا فلو قسّموها إلى السنديّة والمتنيّة وأسقطوا الخارجيّة لأمكن (٢) أن يكون بلحاظ مورد الرجحان ، فإنّ المرجّحات السنديّة تفيد رجحان السند ، فيكون السند موردا للرجحان ، كما أنّه مورد للمرجّح ، ومعنى رجحان السند أقربيّة الخبر إلى الصدور ، وكذا المرجّحات المتنيّة تفيد رجحان المتن ، يعني المضمون أو اللفظ ، فالمتن مورد للرجحان ، والمرجّح إمّا في المتن أو في الأمر الخارج.
ثمّ الاستشهاد الذي ذكره من قوله : ولذا يذكرون .. ؛ لا يكون شاهدا على ما ذكره كما لا يخفى! ثمّ قد عرفت أنّ المرجحات الجهتيّة راجعة إلى قوّة المضمون ورجحانه ، فلا ينبغي عدّها في مقابل المضمونيّة.
هذا ؛ وفي موضع آخر من الرسالة (٣) قسّمها أولا إلى الداخليّة والخارجيّة وجعل المراد من الداخليّة كل مزيّة غير مستقلّة في نفسها ، بل متقومة بما فيه ، ومن الخارجيّة ما يكون أمرا مستقلا بنفسه ولو لم يكن خبرا ؛ كالأصل والكتاب ، ثمّ قسّم المستقل إلى ما يكون معتبرا كالمذكورين ، وغير معتبر كالشهرة ونحوها ، وقسّمه أيضا إلى ما يفيد الأقربيّة إلى الواقع كالكتاب والأصل ـ بناء على كونه من باب الظن ـ وإلى ما لا يؤثر في الأقربيّة ؛ ككون الحرمة أولى بالأخذ من الوجوب ، والأصل بناء على التعبّد ، ثمّ قال : جعل المستقل مطلقا ـ خصوصا ما لا يؤثر في الخبر ـ من المرجّحات لا يخلو عن مسامحة ، ثمّ قسّم الداخلي إلى الصدوري والجهتي
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ٨٠.
(٢) في النسخة : أمكن.
(٣) فرائد الأصول : ٤ / ٧٩.