خلافهم» (١) عدم وجود الحق في ما بينهم ؛ لأنّهم (٢) إذا اتفقوا على شيء يكون باطلا ، ويؤيده قوله عليهالسلام «ما أنتم والله على شيء ممّا هم فيه ، ولا هم على شيء ممّا أنتم فيه ، فخالفوهم فإنّهم ليسوا من الحنيفيّة على شيء» (٣) ، إذ الظاهر منه عدم كون واحد منهم على الحنيفيّة ، ولا فرق فيما ذكرنا ـ من كفاية موافقة البعض مع سكوت الباقين أو كونهم مخالفين لكلا الخبرين ـ بين كون الوجه هو التقيّة أو كون الرشد في خلافهم.
نعم ؛ بناء على الأول يعتبر موافقة الخبر لمذهب الموجودين في عصر الإمام عليهالسلام ، أو المتقدمين على زمانه بحيث يحتمل التقيّة منهم ، فلا يكفي موافقته لمذهب من تأخّر عن زمان صدور الخبر ، والمدار على من كان في بلد الإمام عليهالسلام ، أو بلد الراوي ، بل يعتبر أن يكون ممّن يحتمل التقيّة منه ، فمع العلم بعدم التقيّة (٤) من جهته لا يرجح الخبر المخالف له ، بل يمكن أن يقال : يعتبر الظن بذلك ، فلا يكفي مجرّد الاحتمال ؛ لكن يدفعه إطلاق الأخبار.
وأمّا على الثاني : فيكفي موافقة الخبر لقول واحد منهم ، ولو في هذه الأزمان من غير فرق بين من كان في بلد الإمام عليهالسلام أو غيره ، لأنّ ذلك مقتضى إطلاق كون الرشد (والحق في خلافهم ، لكنّ الإنصاف عدم كفاية قول واحد منهم في استكشاف كون الرشد في خلافه) (٥) ، وإن كان هو مقتضى قوله عليهالسلام «ائت فيه البلد .. إلى آخره» ، فلا بدّ من اعتبار البعض المعتد به.
نعم ؛ لا تتفاوت الأمكنة والأزمنة ـ على ما ذكرنا ـ ولا يضرّ كون الحكم هو التخيير قبل حدوث القول الموافق لأحد الخبرين ؛ لأنّ حدوثه يكشف عن كون الحق من الأول في الخبر الآخر ، نعم يشكل الحال إذا انقلبت الموافقة والمخالفة ؛ لكن يمكن دفعه بأنّ ذلك يكشف عن عدم كون المخالفة الأولى مرجّحة في الواقع ؛ لمعارضتها
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ١٩.
(٢) في نسخة (د) : لا أنّهم.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٣٢.
(٤) المقصود : عدم موجب التقيّة.
(٥) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د).