الأخبار الخبران المعتبران من حيث هما ، مع قطع النظر عن ملاحظة المرجح ، وإن خرج أحدهما عن الحجيّة بعد ملاحظته فتدبّر!.
ثمّ إنّه لا إشكال في اعتبار المرجّحات المضمونيّة المنصوصة ؛ كالأفقهيّة وشهرة الرواية ، وأمّا غيرها ممّا ليس منهيّا عنه بالخصوص ، فكذلك بناء على المختار من التعدي عن المنصوصات من غير فرق بين الداخليّة كالنقل بالمعنى وشهرة الرواية بالمعنى المقابل للإجماع ـ بناء على (اختصاص المنصوصة بالإجماع ـ وكمخالفة العامّة ، والخارجية كالشهرة الفتوائيّة ـ بناء) (١) على عدم دخولها في المقبولة ـ كما عرفت ، والإجماع المنقول واللاخلاف (٢) .. ونحوها ؛ وذلك لأنّ جميعها يوجب قوّة في أحد الخبرين في طريقيته ، وقد عرفت أنّها الملاك في الترجيح ، فيكون أحد الخبرين موافقا للشهرة الفتوائيّة وإن لم تكن عن استناد نوع قوّة في ذلك الخبر ، وإن لم تكن حجّة بنفسها ؛ لأنّ الظنّ النوعي الحاصل منه أقوى من الآخر ؛ وهكذا ..
ولكن يظهر من الشيخ المحقق في الرسالة الاستشكال في المرجّحات الخارجيّة كالشهرة وأخواتها ؛ لأنّ القدر المتيقّن من أدلّة التعدي هو المرجّح الداخلي الذي يوجب قوّة في نفس أحد الخبرين دون الخارجي الذي لا يكون معه الخبر أقوى من الآخر في نفسه ، لكنّه اختار اعتبارها أيضا بدعوى أولها إلى الداخليّة ؛ لأنّها تكشف ولو ظنا عن خلل في الخبر الآخر من حيث صدوره ، أو جهة صدوره ، فكان الخبر الموافق للمرجّح يكون أقوى في نفسه من حيث عدم وجود ذلك الخلل فيه.
قال (٣) : ثمّ الدليل على الترجيح بهذا النحو من المرجّح ـ يعني الأمارة المستقلّة غير المعتبرة كالشهرة وأخواتها ـ ما يستفاد من الأخبار من الترجيح بكل ما يوجب أقربيّة أحدهما إلى الواقع ، وإن كان خارجا عن الخبرين ، بل يرجع هذا النوع إلى المرجح الداخلي ، فإنّ أحد الخبرين إذا طابق أمارة ظنيّة فلازمه الظن بوجود خلل
__________________
(١) ما بين القوسين ليس موجودا في النسخة (د).
(٢) هكذا في النسخة أو قريب منها وكذلك في نسخة (د) ؛ فيكون المعنى مثل دعوى عدم الخلاف والتي هي قريبة من دعوى الإجماع على بعض المباني.
(٣) فرائد الأصول : ٤ / ١٤٠.