وجود الدليل في المقام على كون المدار على قوّة في أحد الخبرين وإن كان من جهة أمر خارجي ـ فموافقة الشهرة نظير موافقة الكتاب في أنّها موجبة للقوّة ؛ غاية الأمر أنّ الكتاب دليل مستقل من حيث هو ، بخلاف الشهرة ، وإلا فهما سواء في إفادة قوّة في الخبر في إراءته للواقع ، وفي عدم كون ما يوجب القوّة أمرا داخلا في نفس الخبر ، فلا يلزم كون القوّة في نفس أحد الخبرين ، وعلى فرضه فلا يكفي الإرجاع الذي ذكره ، مع أنّ دعوى كون الأمارة الظنيّة كاشفة عن خلل في الخبر المرجوح ممنوعة.
نعم ؛ إذا حصل الظن الفعلي من تلك الأمارة كشفت عن خلل في طريقيّته الفعليّة بالنسبة إلى إدراك الواقع ، ولكنّ الملاك ليس ذلك ؛ بل طريقيّته النوعيّة ، ولم يحدث فيها خلل بالمرّة مع إنّ القوّة لا يلزم أن تكون بحدوث الخلل في الآخر ، فالأقوائيّة غير الموهونيّة في الآخر ، وقد سبق أنّ المرجح قد يوجب القوّة في الخبر الموافق له ، وقد يوجب الوهن في الآخر ، فيبقى الأول على قوّته ؛ فلا وجه للاستناد إلى الكشف عن الوهن والخلل في المقام ، كما إنّه لا حاجة إليه فظهر ممّا ذكرنا صحّة ما ذكره السائل في ضمن قوله «إن قلت من أنّه لا معنى لكشف الأمارة عن الخلل .. الى آخره» ، والشيخ ما أجاب عن هذا ؛ بل جميع ما ذكره في الجواب ناظر إلى الفقرة الأولى من السؤال ، ولا يتوقف تماميّته على الإرجاع المذكور.
والأولى ترك الاستشكال في المقام ، وعلى فرضه فالأولى ما قرّره في آخر باب حجيّة المظنّة من تتميم المطلب بخبر الإرجاع ؛ لأنّ المفروض أنّه بعد الإرجاع أيضا يحتاج إلى دعوى عموم النص ومعاقد الإجماع لمثل هذا القسم من الداخلي الإرجائي (١) ، ومع عمومها لا يتفاوت الحال بين أن يرجع إلى المرجّح الداخلي أو لا. واعلم أنّ الأمارة الخارجيّة الغير المعتبرة في نفسها إنّما تكون مرجّحة إذا كانت من الأمارات العقلائيّة في الكشف عن الواقع ، فمطلق الظن بالواقع لا يكون مرجّحا إذ لا يكون مقوّيا لطريقيّة الخبر مطلقا حسبما عرفت مرارا.
ثمّ إنّ مثل الشهرة الفتوائيّة إنّما تكون مرجّحة إذا لم تكن موهونة بأن علم مدرك
__________________
(١) هكذا في نسخة (د) ، وهو الصحيح وإن كان الظاهر من نسخة الأصل : الإرجاعي.