الترجيح به أقوال :
أحدها : أنّه يقدم الخبر الموافق له (١) ، وربّما ينسب إلى المشهور ، ولعلّه من جهة بناء عملهم عليه في الفقه ، وإلا ففي الأصول يحكى عن أكثرهم القول بتقديم المخالف كما سيظهر.
الثاني : أنّه يقدم المخالف له (٢).
الثالث : عدم الترجيح بشيء من الموافقة والمخالفة ، والرجوع إلى التخيير ، وهو المحكي عن المحقق وصاحب المعالم (٣) ؛ وهو الأقوى (٤).
وذكر بعض الأفاضل (٥) قولا آخر في المسألة ؛ وهو التفصيل بين الأصل اللفظي فيقدّم موافقه والأصل العملي ففيه إشكال ، وحكاه عن المفاتيح ، حيث قال : إنّ الخبرين المتعارضين إذا وافق أحدهما الأصل اللفظي وخالف الآخر فلا إشكال في ثبوت الترجيح لموافقه ، (وإذا وافق أحدهما الأصل العملي وخالفه الآخر فالإشكال ثابت ؛ لثبوت الترجيح لموافقه) (٦) ، بل إمّا يحكم بترجيح المخالف ، أو يحكم بالتخيير ، ثمّ قوّى الترجيح به ، ثمّ اختار ذلك (٧) الفاضل عدم الترجيح بالأصل اللفظي أيضا كالأصل العملي ، وأنّه يرجع إلى التخيير.
وأنت خبير بأنّ الترجيح بالأصل اللفظي ليس محلا للخلاف في هذه المسألة ، ولا إشكال فيه ؛ لأنّه موجب لقوّة مضمون الخبر الموافق كما عرفت سابقا في الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة ، وصاحب المفاتيح أيضا لم يجعله محلّ الخلاف بل جعله ممّا لا إشكال فيه ، مع أنّه اختار الترجيح بالأصل العملي أيضا ، فليس قوله تفصيلا في المسألة.
__________________
(١) يظهر من مفاتيح الأصول : ٧٠٨.
(٢) استظهر في بدائع الأفكار أنّ عليه الأكثر ؛ ص ٤٦١.
(٣) حكاه عنه في بدائع الأفكار : ٤٦١ ، وارجع إلى معالم أصول الدين : ٣٩٣.
(٤) جعله في البدائع مورد الاستظهار.
(٥) بدائع الأفكار : ٤٦٢ مما يستظهر من كلامه ذلك وليس بالصريح فيه.
(٦) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د).
(٧) في نسخة (د) : هذا الفاضل.