والغرض أنّ هذا العنوان غير ما ذكرنا في عنوان المسألة ، فإنّ هذا العنوان أخصّ من عنواننا ؛ فلا تغفل!
ثمّ إنّه يظهر من المحكي عن المحقق ـ على ما عرفت من عبارته ـ بل من غيره أيضا أنّ التخيير لا يجري في الأخبار النبويّة المحتملة للنسخ ، ولعلّه لظهور أخباره في اختصاصها بأخبار الأئمة ؛ فتأمّل!.
الثاني (١) : كون أحد الخبرين مفيدا للحظر ، والآخر للإباحة ، فقد حكي عن المشهور تقديم الأول على الثاني ، بل ربّما يدّعى عدم الخلاف فيه ، لكنّه في غير محلّه ؛ لأنّه حكي عن العضدي والحاجبي أنّهما نقلا قولا بتقديم الثاني (٢) ، وعن التفتازاني أنّه لم يذهب أحد إلى ترجيح الإباحة (٣) ، إلا أنّ الآمدي قال (٤) : يمكن ترجيح الإباحة ، وعن أبي هاشم وعيسى بن أبان التسوية وعدم الترجيح (٥) ، وعن العدّة والمعارج (٦) : التوقف ، ولعلّ نظر القائلين بتقديم الحاظر إلى قوله عليهالسلام «دع ما يريبك ..» (٧) وقوله عليهالسلام «ما اجتمع الحرام والحلال إلا غلب الحرام الحلال» (٨) ، لكنّ الاستدلال بهما كما ترى! مضافا إلى أنّ مقتضاهما كون الأصل هو الحظر ، مع أنّ المشهور في الاحتمالين المجردين عن الخبر على الإباحة ، فليس نظر القائلين بعدم الحاظر إلى أنّ الأصل هو الحظر ، مع أنّه على هذا التقدير يرجع هذا المرجح إلى السابق ، مع أنّهم عدّوه مستقلا في قبال السابق.
والحق ابتناء المسألة على مسألة الحظر والإباحة ، بناء على الترجيح بالأصل أو
__________________
(١) هذا هو الثاني من الوجوه التي ذكرها سيد المفاتيح للاستدلال على الترجيح بموافقة الأصل.
(٢) أي المفيد للإباحة.
(٣) شرح مختصر الأصول : ٢ / ٤٨٩.
(٤) الإحكام في أصول الأحكام : م ٢ / ج ٤ ـ ٤٦٠.
(٥) حكاه عنهم في مفاتيح الأصول : ٧٠٨.
(٦) عدة الأصول : ١ / ١٥٢ ، معارج الأصول : ١٥٦.
(٧) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٣٨ ، ٥٦.
(٨) مستدرك وسائل الشيعة : ١٣ / ٦٨ حديث ٥.