بعضهم الوجوب على الإباحة والندب ؛ لأجل الاحتياط ، قال (١) : لكن يبقى فيه ـ مع جريان بعض أدلّة تقدم (٢) الحظر فيها ـ إطلاق كلامهم فيها ، وعدم ظهور التخصيص في كلماتهم.
وثانيا : بأنّ الاتفاق غير ثابت على تقديم الحظر ، وإن ادّعاه بعضهم ، والتحقيق هو ذهاب الأكثر ، وقد ذهبوا إلى تقديم الناقل أيضا ، بل حكي عن بعضهم تفريع تقديم الحاظر على تقديم الناقل.
قلت : قد تكرّر منه ذكر هذا الإشكال في مواضع ؛ مع أنّه لا وقع له بعد كون الناقل للاتفاق من العامّة ، بل الشهرة مع (٣) تقديم الحاظر أو الناقل إنّما هي فيما بينهم ، فعلى تقدير اتحاد الطريق في المسألتين ، واختلافهم في الوفاق والخلاف لا ضرر علينا ؛ لأنّ علماءنا لم يفرقوا بينهما ، ولذا اختار بعض السادة منّا ـ ولعلّه صاحب المفاتيح (٤) ، على ما ذكره في الرسالة (٥) ـ تقديم الإباحة على الحظر ؛ لرجوعه إلى تقديم المقرّر الذي اختاره هناك ، مع إمكان دعوى خصوصيّته لمسألة الحظر والإباحة ، من جهة الخبر السابق «ما اجتمع الحرام والحلال ..» ، ومن جهة الاستقراء (٦) على تقديم جانب الحرمة ، وأنّ الشارع قدّمها عند الدوران في موارد عديدة ، كما قد يدّعى ، فلعلّ نظرهم إلى ذلك ، وإن لم يكن تامّا ، لكنّ هذا وجه الفرق بين المسألتين ، إلا أنّه لا يدفع الإشكال من حيث إنّ ظاهر كلماتهم في مسألة الناقل والمقرّر هو الأعم من الحاظر والمبيح.
ويمكن أن يقال : إنّ نظرهم في مسألة الناقل والمقرّر إلى حيث الناقليّة والمقرّريّة ، ونظرهم في المسألة الثانية إلى حيثيّة أخرى مضافا إلى الناقليّة ، وهي حيثيّة الحاظريّة ، فهي مرجّحة عندهم ، وإن كان الأصل هو الإباحة ، وقلنا إنّ مقتضى
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٥٧.
(٢) في نسخة (د) يظهر من الكلمة أنّها : بعدم الحظر ...
(٣) في نسخة (د) : على.
(٤) وهو الصحيح فانظر مفاتيح الأصول : ٧٠٩.
(٥) فرائد الأصول : ٤ / ١٥٧.
(٦) في نسخة (د) : الاستقرار.