أو نوعين ، كأن يكون أحدهما من المرجّحات الصدوريّة ، والآخر من الجهتيّة ، أو المضمونيّة ، فالمدار على الأقوى مطلقا ، فإن كان لأحدهما قوّة من حيث الخصوصيّات أو من حيث نوعه يقدم على الآخر ، أمّا الخصوصيّات فلا تدخل تحت ضابطة.
وأمّا من حيث النوع فيمكن أن يقال : إنّ مثل الشهرة بين الأصحاب أقوى نوعا من مخالفة العامّة مثلا ، بل من موافقة الكتاب ، وموافقة الكتاب أقوى نوعا من مخالفة العامّة ، والشهرة الفتوائيّة أقوى من الجميع ، وإذا تعارضت شهرة القدماء مع شهرة المتأخرين ؛ الأقوى الأولى .. وهكذا ، والغرض الإشارة الإجماليّة ، وإلا فالغالب الاختلاف بحسب خصوصيّات المقامات ، والمدار على نظر الفقيه ، وقد يكون في أحد الطرفين مرجّح واحد ويقدم على المرجحين أو أزيد في الطرف الآخر ، وعلى ما ذكرنا بناء الفقهاء كما لا يخفى على من وقف على عملهم في كتبهم الاستدلاليّة.
هذا ؛ وذهب الشيخ في الرسالة (١) إلى تقديم المرجّحات المضمونيّة على الصدوريّة وتقديمها على الجهتيّة ، وجعل أقوى المرجّحات المضمونيّة موافقة الكتاب ، لكنّه استشكل من جهة كونه خلاف ترتيب المقبولة ، من حيث تقديمها للمرجّحات الصدوريّة والشهرة والشذوذ عليها ، ثمّ دفع الإشكال من حيث تقديم (٢) صفات الراوي بأنّها من مرجّحات الحكمين ، وأمّا الشهرة فلا بعد في تقديمها على موافقة الكتاب ، قال ـ بعد بيان الترجيح بمخالفة العامّة ، وأنّها متأخرة عن المرجّحات الدلاليّة ، حيث إنّها من الجمع المقبول : أمّا لو زاحم الترجيح بالصدور الترجيح من حيث جهة الصدور بأن كان الأرجح صدورا موافقا للعامّة فالظاهر تقديمه على غيره ، وإن كان مخالفا للعامة ، بناؤه (٣) على تعليل الترجيح بمخالفة العامّة باحتمال التقيّة في الموافق ؛ لأنّ هذا الترجيح ملحوظ في الخبرين ـ بعد فرض صدورهما قطعا كما في المتواتر ، أو تعبدا كما في الخبرين ـ بعد عدم إمكان التعبد
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٣٦ ، ١٤٩.
(٢) في نسخة (د) : تقدم.
(٣) في نسخة (د) : بناء.