الخبرين متعارضان ، وأنّه موجب للحيرة ؛ يحكمون بأنّ التفصي عن هذه الحيرة بالأخذ (١) بهذا أو ذاك ؛ من جهة المزيّة الكذائيّة ، ولا فرق في ذلك بين تعارض المنصوصات مع بعضها أو مع غيرها ، أو غيرها بعضه مع بعض ، ويظهر ما ذكرنا من صاحب الفصول (٢) ، والوجه فيه واضح ؛ حيث إنّ المفروض إذا كان خروج صورة التعارض عن الأخبار ، فلا بدّ من الأخذ بمقتضى القاعدة المذكورة ، والمراد (٣) من خروج صورة التعارض عن الأخبار أنّ قوله عليهالسلام «خذ ما وافق الكتاب» ليس شاملا لما إذا كان الخبر الآخر مخالفا للعامّة مثلا ، حتى يدلّ بمقتضى إطلاقه على الأخذ بموافق الكتاب حينئذ ، أو يدلّ قوله «خذ ما خالف القوم» على الأخذ بالخبر الآخر ، وإلا فيمكن أن تكون داخلة في الأخبار من حيث دلالتها على الأخذ بأقوى الخبرين ، ففي صورة المعارضة إذا كان أحد المرجّحين أقوى من الآخر يكون الخبر الموافق له أقوى من الموافق للآخر ، والأخبار دلّت على الأخذ بالأقوى من حيث كون المذكورات فيها مثالا لمطلق القوّة ، أو من حيث الفقرات التي تعدّينا من جهتها عن المنصوصات.
ومن ذلك ظهر أنّه لا وجه لإلقاء المعارضة بين دليل بعض المرجّحات مع بعض ، والقول بأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، وتقديم أحدهما من بعض الجهات من قوّة الدلالة أو غيرها.
وكذا لا وجه لملاحظة الترتيب المذكور في الأخبار ، والاستشكال فيها ودفعه على ما يظهر من الرسالة (٤) ، إذ بناء على التعدي من جهة حمل الأخبار على ما ذكر لا يكون لدليل المرجّحات إطلاق من الجهة المذكورة ، ولا يكون الترتيب ملحوظا ومعتبرا.
ثمّ إنّه لا فرق في وجوب الأخذ بالأقوى من المرجّحين بين كونهما من نوع واحد
__________________
(١) في النسخة المعتمدة ونسخة (د) هكذا : الأخذ.
(٢) الفصول الغرويّة : ٤٢٥.
(٣) في نسخة (د) : ومرادنا.
(٤) فرائد الأصول : ٤ / ٧٥.