وقال في المرجّحات الخارجيّة المضمونيّة الغير المستقلة بالاعتبار (١) :
وأمّا الترجيح من حيث السند فظاهر مقبولة ابن حنظلة تقديمه على المرجّح الخارجي ، لكنّ الظاهر أنّ الأمر بالعكس ؛ لأنّ رجحان السند إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع ، فإنّ الأعدل أقرب إلى الصدور من غيره ، بمعنى أنّه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون صدور الأعدل وكذب العادل ، فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع ، وخبر الأعدل مظنون المخالفة ، فلا وجه لترجيحه بالأعدليّة ، وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامّة ؛ بناء على أنّ الوجه فيه هو نفي احتمال التقيّة.
وقال في موافقة الكتاب (٢) : هذا الترجيح مقدّم على الترجيح بالسند ؛ لأنّ أعدليّة الراوي في الخبر المخالف لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للخبر الآخر ، وعلى الترجيح بمخالفة العامّة ؛ لأنّ التقيّة غير متصورة في الكتاب الموافق للخبر الموافق للعامّة ، وعلى المرجحات الخارجيّة ؛ لأنّ الأمارة المستقلة للخبر الغير المعتبر لا تقاوم الكتاب المقطوع الاعتبار ، ولو فرضت الأمارة المذكورة مسقطة لدلالة الخبر والكتاب المخالفين لها عن الحجيّة ، لأجل القول بتقييد اعتبار الظواهر بصورة عدم قيام الظن الشخصي على خلافها ، خرج المورد عن فرض التعارض ، ولعلّ ما ذكرنا هو الداعي للشيخ في تقديم الترجيح بهذا المرجّح على جميع ما سواه من المرجّحات ، وذكر الترجيح بها بعد فقد هذا المرجّح.
ثمّ استشكل من جهة دلالة المقبولة على تقديم بعض المرجّحات على هذا المرجّح ، وأجاب بما أشرنا إليه من أنّ الصفات من مرجّحات الحكمين ، وأول المرجّحات الخبريّة هي شهرة الرواية ، ولا يعدّ من تقديمه (٣) على موافقة الكتاب.
أقول : أمّا تقديمه المرجّحات السنديّة على الجهتيّة فليس من جهة الأقوائيّة ، بل من جهة أنّ الحمل على التقيّة متفرع على الصدور ، والمرجّح الصدوري يحكم بعدم
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٤٥.
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ١٤٩.
(٣) في نسخة (د) هكذا : ولا بعد في تقديمه ...