قال : ويحتمل عدم التقديم في صورة كون الظن المطلق معتبرا لا من باب الانسداد ، فيحكم حينئذ بالتخيير إذا كان الخبران ظنيين ، وبالتوقف إذا كانا قطعيين ، لما مرّ سابقا من أنّ التخيير لا يجري في القطعيين ، وإن جرى الترجيح فيهما ، وبالتساقط في الموضوعات مثل الوقت والقبلة ؛ لعدم جريان أدلة التخيير والترجيح فيها.
قلت :
أمّا الوجه الأول فيرد عليه : أنّ قوله عليهالسلام «ما سمعت ..» معارض بما دلّ على الترجيح المضموني ، والأظهريّة ممنوعة ، مع أنّ دليل المرجّح المضموني أقوى من هذا الخبر الذي في سنده ودلالته ضعف ، كما لا يخفى! خصوصا مثل موافقة الكتاب وشهرة الرواية.
وأمّا الثاني ففيه : أنّ المرجّح المضموني لا ينحصر بمثل شهرة الفتوى حتى يكون اعتباره من باب الظن المطلق ، فإنّ موافقة الكتاب وشهرة الرواية والأفقهيّة أيضا من باب الظن الخاص ، كسائر المرجّحات ، ثمّ إذا كان الظن المطلق معتبرا في خصوص مقام بدليل خاص ، لا يكون من الظن المطلق ، بل ظن خاص كما هو واضح.
فما ذكره إنّما يتجه بالنسبة إلى مثل شهرة الفتوى ـ بناء على عدم فهم التعميم من الأخبار ، والقول باعتبارها في مقام الترجيح من باب دليل الانسداد ـ بدعوى أنّ باب العلم في الترجيح منسد ، ولا بدّ من العمل بالظن فيها لا بالنسبة إلى المضمونيّات المنصوصة ولا بالنسبة إلى غيرها إذا قلنا بالتعميم من جهة فقرات الأخبار ، أو من جهة بناء العقلاء ، أو نحو ذلك من الأدلة غير دليل الانسداد ، وقد عرفت سابقا أنّه لا وجه للتمسك بالانسداد في المقام ، فلا وجه لما ذكره.
ثمّ قد عرفت سابقا ما في دعوى عدم جريان التخيير في القطعيين فلا تغفل.
ثمّ إنّك قد عرفت سابقا أنّ صورة تعارض المرجّحات خارجة عن الأخبار بخصوصها ، وإن كانت داخلة فيها من حيث دلالتها على وجوب العمل بأقوى الدليلين ، فلا بدّ من ملاحظة أنّ أيّا من المرجّحين المتعارضين أقوى حتى يكون الخبر الموافق له أقوى من الآخر ، فلا وجه لإجراء قواعد المعارضة بين دليل