الصدوري المقدّم عنده على الجهتي ، ولا لما ذكره (٦) بعض الأفاضل من تقديم الجهتي كليّة لوجهين :
أحدهما : ما ذكر من عموم قوله عليهالسلام «ما سمعت مني .. إلى آخره» للقطعي المعارض بالظني ، فيدلّ على تقديم الظني على القطعي الموافق للعامّة ، وإن كان معه المرجّح المضموني ؛ ففي الظنيين بالأولى ، ولا يعارضه ما دلّ على المرجّح المضموني ؛ لأنّ قوله عليهالسلام «ما سمعت ..» أظهر من ذلك الدليل ، مثل ما دلّ على الترجيح بالشهرة ، فإنّه في الدلالة ليس مثل قوله «ما سمعت ..».
الثاني : أنّ المقام من قبيل معارضة الظن الخاص للظن المطلق ، وهو مقدّم عليه سواء كان الظن المطلق معتبرا من باب الانسداد ، أو من دليل خاص ، أمّا الأول : فلأنّ اعتبار الظن المطلق حينئذ من باب الاضطرار ، وعدم الدليل ، فلا يشمل صورة وجود الظن الخاص ، وأمّا على الثاني : فلأنّ دليل الظن الخاص أخص من دليل الظن المطلق الثابت حجيّته بدليل خاص ، وإن كانت النسبة بينهما من حيث المورد عموما من وجه ؛ وذلك لأنّ اعتبار مطلق الظن ، ولو بالدليل الخاص (٧) إنّما هو مع عدم العلم ، أو الظن الخاص منزّل منزلة العلم.
فنقول فيما نحن فيه : إنّ دليل الحمل على التقيّة هو قوله عليهالسلام «ما سمعت .. الى آخره» ، وهو ظن خاص ، ودليل الترجيح بالشهرة ـ مثلا ـ هو الظن المطلق الثابت اعتباره من قاعدة لزوم العمل بأقوى الدليلين ، فيقدّم الأول ؛ لكونه أخص ، ومنزّل منزلة العلم ، فالمقام نظير ما إذا قامت البيّنة (٨) على دخول الوقت ، وحصل الظن الفعلي على خلافه ، فإنّه تقدّم البيّنة ولو كان الظن المطلق معتبرا في الوقت والقبلة.
__________________
(٥) فرائد الأصول : ٤ / ١٤٩.
(٦) أي ولا وجه صحيح أو دليل معتبر لما ذكره بعض الأفاضل .. وإن كان قد ادعى استفادته العموم من قوله «ما سمعت ..».
(٧) في نسخة (د) : ولو بدليل خاص.
(٨) جاء يعده في نسخة (د) : على أنّ القبلة كذا في صورة الاشتباه وحصل الظن الفعلي على خلافه ، وكما إذا قامت البينة ...