صورة فرض صدور الخبرين واقعا ، وإن كانا ظنيين (١) ، لأنّه يحتمل كونه هو الحق ومقابله غير صادر ، أو لم يرد منه ظاهره.
والحاصل أنّ موضوع الحمل على التقيّة هو الخبر المعلوم الصدور في مقابل المعلوم بمقتضى قوله «ما سمعت ..» لا كل صادر واقعي ، وهذا واضح.
ثمّ إنّ ذلك الفاضل أيّد ما ذكره من تقديم المرجّح الجهتي على الصدوري بأنّ الفقهاء كثيرا ما يحملون الموافق على التقيّة ، مع اشتمال الآخر على المرجّحات الصدوريّة ، كما حملوا الأخبار الواردة في كفّارة النذر بأنّها كفارة رمضان على التقيّة ، وأخذوا بما دلّ على أنّها كفّارة اليمين ، مع كون الطائفة الأولى أكثر وأصح ، بل يظهر من بعضهم تقديمه على المرجّح الدلالي أيضا ، فإنّ الشيخ حمل الخبر الوارد ـ فيمن زاد في صلاته ركعة ، وقد جلس في الرابعة بقدر التشهد الحاكم بأنّ صلاته صحيحة ـ على التقيّة ، مع أنّه أخص ممّا دلّ على بطلان الصلاة بزيادة الركعة (٢).
ويظهر من البهبهاني (قدسسره) أيضا تقديمه عليها ، حيث إنّه جعل تقديم الصدور (٣) على الشهرة ومخالفة العامّة في المقبولة من جملة الإشكالات فيها.
أقول : يمكن أن يكون هذا من الفقهاء من جهة أمارات التقيّة في بعض الموارد من جهة مجرّد الموافقة للعامّة ، أو من جهة الأقوائيّة في بعض الموارد من جهات خارجيّة ، فلا يدلّ على أنّ عملهم على تقديمه كليّة ، وأمّا كلام البهبهاني فليس صريحا في ذلك ، إذ يحتمل أن يكون الترجيح بمخالفة العامّة عنده من باب كون الرشد في خلافهم ، فالحقّ ما عرفت من اختلاف المقامات ، وأنّه لا دليل على تقديم أحدهما على الآخر كليّة ، كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى معارضة الجهتي مع المضموني ، فلا وجه لتقديم الثاني كليّة.
كما (أنّ الأمر) (٤) يظهر من الشيخ في الرسالة (٥) حيث إنّه قدم المضموني على
__________________
(١) وكأن الجواب مقدر ؛ متصيد ممّا مرّ وهو عدم تسليم ذلك فيما لو كانا ظنيين ، وفي نسخة (د) هكذا : لا في صورة فرض صدور الخبرين.
(٢) الكافي : ٣ / ٣٤٨ حديث ٣ ، الوسائل : ٦ / الباب ١٤ من أبواب الركوع حديث ١ ، ٢ ، ٣.
(٣) في نسخة (د) : الصدوريّة.
(٤) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د) ، وعليه فتكون هذه العبارة هناك تابعة للفقرة. ـ السابقة.