[٤ ـ] ولأنّ الخبر الموافق إمّا صادر في الواقع أو لا؟ فعلى الثاني لا معنى للتعبديّة ، وعلى الأول المفروض وجوب حمله على التقيّة ؛ لقوله عليهالسلام «ما سمعت منّي .. الى آخره».
قلت : أمّا كونه من الجمع الدلالي ففيه : أنّ القدر المعلوم من تقديم الجمع الدلالي هو ما إذا كان أحد الخبرين قرينة صارفة عن ظاهر الخبر الآخر في نظر العرف ، وليس المقام كذلك ؛ إذ هو إنّما يكون فيما يكون الخبر مستعملا في المعنى التأويلي ، والمفروض عدمه ؛ إلا بناء على وجوب التورية ، وهو لا يقول به ، بل قال بعدم معقوليّة التورية.
وأمّا ما ذكره من الأولويّة من الخبر القطعي ، ففيه أنّه إن كان القطعي في مقابل القطعي فهو متين ؛ (للحمل على التقيّة) (١) ، ولا يقاس عليه الظني في مقابل الظني ، لعدم التعين ، وإن كان القطعي في مقابل الظني فلا نسلم أنّه يحمل على التقيّة حتى يقال إنّ الظني أولى بذلك (٢) ، وقوله عليهالسلام «ما سمعت ..» وإن اقتضى ذلك إلا أنّه منصرف إلى صورة كونهما قطعيين ، أو محمول على ذلك ، فكما لا يؤخذ بإطلاقه من حيث شموله لصورة عدم المعارضة ، فكذا لا يؤخذ به من حيث معارضته للظني ، وعلى فرض شموله للقطعي في مقابل الظني نقول إنّه لا معارض له حينئذ ؛ بخلاف الظنيين ، إذ دليل الأخذ بالأعدل معارض له ، ولا وجه لتقديمه عليه ، وأمّا ما ذكره من الاستحالة فهو متفرّع على تقديم قوله عليهالسلام «ما سمعت ..» على دليل الأخذ بالأعدل ، وهو أول الدعوى ؛ مع أنّه متفرع على الأولويّة المذكورة الممنوعة ، وفي الحقيقة ليس وجها على حدة.
وأمّا ما ذكره أخيرا ففيه أنّا نمنع ـ على فرض صدوره واقعا ـ [أنّه] محمول على التقيّة ، إذ الدليل دلّ على الحمل على التقيّة في صورة كون الخبرين قطعيين ، أمّا في
__________________
(١) ما بين القوسين لا يوجد في نسخة (د).
(٢) الظاهر أنّ العبارة في النسخة (د) تختلف عما في الأصل وهي فيها بعد قوله «فهو متين» هكذا : وإن كان القطعي في مقابل الظني فلا نسلم أنّه يحمل على التقيّة ولا يقاس عليه الظني في مقابل الظني بعدم اليقين ، وإن كان القطعي في مقابل الظني فلا نسلم أنّه يحمل على التقيّة حتى يقال إنّ الظني أولى بذلك ...