نعم ؛ المرجّح الصدوري مقدّم على الجهتي من غير جهة التقيّة لندورها (١) ، ومن ذلك يظهر تقديم الجهتي من جهة التقيّة على الجهتي من غيرها ، هذا وذكر بعض الأفاضل أنّ المرجّح الجهتي مقدّم على الصدوري كليّة (٢) :
[١ ـ] لأنّه يرجع إلى الجمع الدلالي المقدّم على الترجيح بالسند ، إذ لا ينحصر الجمع في حمل الظاهر على الأظهر ، بل يمكن حمل أحد الخبرين على بيان حكم الله ، وحمل الآخر على كونه صادرا لمصلحة أخرى ، وإن لم يحمل بحسب الدلالة على معناه التأويلي.
[٢ ـ] ولأنّه (٣) إذا كان الخبر قطعي الصدور ـ في مقابل القطعي أو الظني ـ يحمل على التقيّة إذا كان موافقا للعامّة ، بمقتضى قوله «ما سمعتم ..» الظاهر في الخبر القطعي ، ففي الظني يحمل على التقيّة بالأولى ، إذ احتمال عدم الصدور الموجود في الظني لا يجعله أولى من القطعي على التقيّة ، فالظني أولى بذلك ، والمرجّحات الصدوريّة لا تجعل الخبر الظني أولى من القطعي.
[٣ ـ] ولأنّه يستحيل شمول إطلاق أدلّة الأخذ بالأعدل لما إذا كان موافقا للعامّة والعادل مخالفا ، بعد شمول قوله عليهالسلام «ما سمعت ..» للقطعي الذي يكون الظني أولى منه في هذا ، فبالنسبة إلى الخبر المخالف : المقتضي موجود وهو واضح ، والمانع مفقود إذ ليس إلا الأعدليّة في الخبر الآخر ، وهي لا تجعله أولى من القطعي المحمول على التقيّة ، فإطلاق دليل الأخذ بالأعدل لا يشمل المقام.
والحاصل أنّ قوله عليهالسلام «ما سمعت ..» لا معارض له في صورة كون الخبر قطعيّا ، فيحمل على التقيّة ، وإن كان معارضه ظنيّا ، ويدلّ بالأولويّة على وجوب حمل الظنّي أيضا على التقيّة ، وبعد ذلك لا يبقى مجال للترجيح بالأعدليّة.
__________________
(١) المقصود لندور التقيّة ؛ وهو غريب منه فإنّ موارد التقيّة ليست نادرة في كلمات الأئمة ، نعم لو قال بأنّه لمخالفتها لأصالة الحقيقة أو الظهور لكان أوجه ، إلا أن يريد أمرا آخر لم نفهمه.
(٢) هذه الوجوه الثلاثة التي نقلها السيد هنا عن الشيخ لم تكن مرقّمة ؛ إلا أنّا رقّمناها تسهيلا للقارئ.
(٣) في نسخة (د) : كتبت هكذا : لأنّه. فتكون تعليلا لما سبق ولا تكون وجها مستقلا في تقديم الجهتي على الصدوري.