يعلم إلى قيد التنافي لا إلى قيد الاتحاد ، يعني ومن اعتبار التنافي في التعارض يسلم .. إلى آخره ، ويؤيده أنّه ضرب في بعض النسخ على قوله «إنّ موضوع الحكم في الأصول الشيء بوصف أنّه مجهول الحكم» إلّا أنّه بعيد من سوق الكلام ، والضرب المذكور لا يفيد بعد كون تتمة الكلام ناظرة إلى بيان تعدد الموضوع ، وكلامه في أول أصل البراءة أيضا ناظر إلى ذلك ، حيث قال (١) : وجه التقديم أنّ موضوع الأصول يرتفع بوجود الدليل فلا معارضة بينهما ، لعدم اتحاد الموضوع ، بل لارتفاع موضوع الأصل .. إلى آخره.
وفي بعض النسخ زيادة «لا» قبل قوله لعدم اتحاد .. إلى آخره ، إلّا أنّها أيضا غير مفيدة لأنّ سوق الكلام فيما بعد ظاهر في إرادة التعدد ، نعم يمكن أن يقال إنّ غرضه أنّ تعدد الموضوع في لسان الدليل يوجب دفع التعارض من جهة أنّه يستلزم تحقق الحكومة الرافعة للمنافاة لا أنّ ذلك بمجرّده كاف ، ففي الحقيقة الوجه في عدم كونها من المتعارضين (٢) هو الحكومة بالبيان الذي ذكرنا ، وتعدد الموضوع في لسان الدليل سبب في الحكومة بالنسبة إلى بعض الموارد ، وفي الورود بالنسبة إلى بعضها الآخر ، فلا يريد بيان أنّ الموضوع متعدد بحيث يرتفع به بمجرّده التنافي ، وكيف كان فالوجه ما ذكرنا ، والتعدد في لسان الدليل بمجرده لا يتمم المطلب ولا حاجة إليه بعد كون المدار على كون اللسان لسان الشرح والبيان ، وإن قلنا إنّ هذا المقدار من التعدد يكفي في مقام رفع المنافاة والمناقضة بين ثبوت الحكم الواقعي في الواقع وثبوت الحكم الظاهري فيما إذا لم يكن الواقع منجّزا على المكلّف ، لكن لا دخل له بمقامنا.
هذا إذ الكلام في المقام مع وجود الدليل على الواقع ، والغرض رفع التعارض بين الدليل والأصل وأنّ الواجب هو الأخذ بالأول دون الثاني ، وفي ذلك المقام لا يكون دليل اجتهادي وإنّما المرجع هو الأصل ، والغرض أنّه لو كان الأصل على خلاف
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ / ١١.
(٢) في نسخة (ب) : من التعارض.