العقل يجعله مبيّنا له ويرفع الخصومة بينهما.
والحاصل أنّ جميع وحدات التناقض متحققة ومع ذلك لا تعارض بلحاظ أنّ اللسان لسان الشرح والبيان لا التنافي فيرفع اليد عن أحد الظاهرين وهو ظاهر المحكوم ، فيرتفع (١) التناقض ، بل لأنّ الآخر قرينة عليه بلفظه ، ولا في العام والخاص فيرفع اليد عن العام إنّما هو لئلا يلزم التناقض ، وإلا فليس في أحد الكلامين ما يبيّن الآخر.
هذا ويظهر من المحقق الأنصاري قدس سرّه أنّ الوجه في عدم كونها (٢) من التعارض تعدد الموضوع ، وظاهره أنّ هذا هو الوجه في جميع المحكومات حيث إنّه بعد ما ذكر أنّه لا يتحقق التعارض إلا بعد اتحاد الموضوع قال (٣) : ومنه يعلم أنّه لا تعارض بين الأدلة الاجتهادية والأصول .. ، ثمّ ساق الكلام في بيان ذلك إلى بيان الحكومة وميزانها وأردف ذلك بتتمة البيان بحكومة الأدلة الاجتهاديّة.
وأنت خبير بأنّ الموضوع واحد في المقام أيضا خصوصا بالنسبة إلى مثل «لا حرج» و «لا ضرر» فإنّ الموضوع الحرجي موضوع للوجوب في قوله «توضأ» ولعدمه في قوله «لا حرج» وهكذا في سائر الموارد ، بل الموضوع في الأدلة الاجتهاديّة والأصول أيضا واحد كما عرفت في مثال شرب التتن ، فإنّ الموضوع الخارجي الذي هو التتن يصدق عليه أنّه مشكوك ، وأنّه تتن ، فهو داخل تحت الدليلين ؛ غاية ما يكون أنّ الموضوع في لسان الدليل متعدد حيث إنّه في أحدهما المشكوك يوصف أنّه مشكوك وفي الآخر ذات الفعل مع قطع النظر عن العلم والجهل ، وهذا المقدار غير كاف في نفي المعارضة والمنافاة ، إذ المدار على اتحاد الموضوع ولو بالأخرة ، وهو متحقق في المقام ، فمع الإغماض من حيث الحكومة وأنّ لسان الشرح غير لسان التعارض لا يتم المطلب.
هذا ؛ ويمكن إرجاع ما ذكره أيضا إلى ما ذكرنا بدعوى عود الضمير في قوله ومنه
__________________
(١) في نسخة (ب) : لا ليرتفع.
(٢) في نسخة (ب) : كونه.
(٣) فرائد الأصول : ٤ / ١١.