وفيه : إنّ الوجوب الشرعي أيضا ليس أزيد (١) من الوجوب الانشائي الحاصل يقول الشارع افعل مع قابليّة المحل لا لمثل الحمار والجدار ، وبالطلب والإيجاب يحصل الوجوب الشرعي وإن لم يحصل الانبعاث والتحريك ، كما هو كذلك بالنسبة إلى العالم العاصي وهو غير معتبر في تحقق الوجوب ، ويبقى الإشكال في الفرق بين الجهل والعجز.
والجواب : إنّ الفارق هو الإجماع والأدلّة ، وإلا فبحسب حكم العقل لا مانع من جعل الحكم الواقعي بالنسبة إلى العاجز أيضا ، وتظهر الثمرة في وجوب القضاء بعد القدرة ، بل قد عرفت سابقا تحققه بالنسبة إلى بعض الأفراد (٢) ، كما في الواجبين المتزاحمين.
وكيف كان فبعد تصوير الحكم الواقعي نقول : التناقض مرتفع بتعدد المرتبة.
فإن قلت : أي الوحدات الثمانية مرتفعة على هذا الوجه؟
قلت : تعدد المرتبة نظير تعدد المكان ، وإن شئت فقل (٣) إنّه يرجع إلى تعدد المحمول ، حيث إنّ الحكم الواصل غير الحكم الغير الواصل ؛ هذا غاية تقريب هذا الوجه ، ومع ذلك الإنصاف أنّه مشكل ، إذ لازمه جواز جعل حكمين واقعيين متنافيين إذا كان أحدهما منجزا والآخر غير منجز ، ولا نلتزم به ، وقياس المقام على الترتب الذي يقوله بعض المحققين في حاشيته على المعالم (٤) في مسألة اجتماع الأمر والنهي باطل ، بعد بطلان الحكم في المقيس عليه على ما حقق في محله ، والأولى أن يقال في دفع الإشكال بتعدد المرتبة ، لكن لا بالبيان المذكور بل بأنّ الحكم الواقعي ثابت في الواقع ، وليس في مرتبة الحكم الظاهري أصلا ، والظاهري ثابت في الظاهر ، وليس في مرتبة الواقعي ، فلا نفرق بين الواصل وغير الواصل حتى يرد ما ذكر من لزوم جواز جعل حكمين واقعيين مختلفين بالوصول وعدمه ، مع معلوميّة عدم جوازه من حيث إنّ نحو الحكمين حينئذ واحد وإن تنجز أحدهما دون
__________________
(١) في النسخة (ب) : بأزيد.
(٢) في نسخة (ب) : أفراده.
(٣) بعدها في نسخة (ب) : إنّه وزائد على الثمانية وأنّ الوحدات تسعا ، وإن شئت فقل ...
(٤) هداية المسترشدين : ٣ / ١٠٧ ـ ١٠٨.