إيجاب العمل بمؤدى قوله .. وهكذا غيره من الأمارات (١) كما لا يخفى.
وثانيا : إنّ هذا المعنى موجود بالنسبة إلى دليل الاستصحاب أيضا ، بل هو أظهر في التنزيل منزلة العلم حيث أمر بإلغاء (٢) صفة اليقين وعدم نقضه بمعنى الحكم بأنّه عالم ويرتب العلم فيلزم كونه معارضا مع الدليل الاجتهادي على هذا البيان.
ودعوى أنّ اليقين غير قابل للإبقاء مدفوعة بأنّ ذلك مشترك الورود إن أريد الحقيقة ، وإن أريد التنزيل كما هو المدّعى فهو قابل كما هو واضح ، ولذا ذكرنا في باب الاستصحاب أنّه لا يلزم إرادة المتيقن من لفظ اليقين مع أنّ إرادة المتيقّن بما هو متيقّن تكفي في المطلب كما لا يخفى.
وثالثا : إنّه إن أريد التنزيل المطلق بالنسبة إلى الطريق حتى يكون ترتيب الواقع على المؤدى من جملة آثاره حسبما ظهر من الإيراد والجواب المذكورين في التقرير فهو ممنوع ، وإن أريد التنزيل بالنسبة إلى مجرّد ترتيب الواقع كما هو الظاهر على فرض كون اللسان الأولي لسان جعل الطريق ، فلا يثمر شيئا ، بل يرجع إلى التقرير السابق ، والتفاوت إنّما يكون بمجرد كون المجعول أولا هو الطريق أو المؤدى ، فيكون معنى قوله كن عالما أو لا تشك : كن عالما بأنّ الواقع كذا ، أو لا تشك في أنّ الواقع كذا ، فيكون الغرض مقصورا على خصوص ترتيب أثر الواقع على المؤدى ، لا أزيد ، فيرد عليه (٣) ما ورد على الأول من الإيراد الحلّي ، بل الإيراد النقضي أيضا بعد التأمل.
وعلى هذا لا موقع للإيراد والجواب المذكورين في التقرير ، إذ معنى تنزيل قول العادل منزلة العلم ليس إلا ترتيب الواقع ولا حاجة إلى دعوى أنّه يرجع إلى جعلين أو أنّ التنزيل مطلق فيترتب عليه جميع الآثار ، إذ هو نظير ما إذا كانت نفس الموضوعات غير (٤) القابلة للجعل موردا له ، حيث إنّه لا إشكال فيه ؛ لأنّ معناه (٥)
__________________
(١) في النسخة (ب) : بدل «الأمارات» كتب «الأدلة».
(٢) في نسخة (ب) : بإبقاء.
(٣) في نسخة (ب) : فلا يرد عليه.
(٤) في النسخ : الغير.
(٥) بعدها في نسخة (ب) : حينئذ.