البراءة ، أو على طبق الحالة السابقة ، أو نحو ذلك ، وإذا كان حاكما فيكون مقدّما ؛ للوجه الذي هو جار في جميع الحكومات ، وهو أنّ الحاكم وإن كان عامّا إلا أنّه مرآة لملاحظة ما تحته من الجزئيّات ، وليس عنوانا مستقلا في عرض سائر العناوين ، فكأنّه صرّح بالحكم في كل من تلك الجزئيات ، فيكون بمنزلة النص ، مثلا قوله لا حرج في الدين بمنزلة أن يقول لا حرج في الوضوء والصلاة والصوم ونحوها ، وكذا قوله لا ضرر ، ففيما نحن فيه قوله صدّق العادل بمنزلة قوله صدّق هذا الراوي وهذا الراوي وهكذا ، فيكون نصا في كل واحد من الأخبار ، فيلزم تقديم كلّ واحد منهما على الأصل المخالف له ، لأنّ دليله عام وهذا خاص ، هذا محصل ما حكي عن بعض.
وأنت خبير بما فيه من أوّله إلى تاليه :
إذ أولا : نمنع كون المعارضة بين الأصول ودليل حجيّة الأدلة ، بل طرف المعارضة نفسها حسبما عرفت ؛ فلا حاجة إلى الأكل من القفا.
وثانيا : قد عرفت سابقا (١) في هذا الميزان (٢).
وثالثا : لا يصير نصا بمجرّد كونه مرآة ، إذ المرآة إذا كانت عامّا فحكمها (٣) حكم سائر العمومات ، فلا تتفاوت العنوانيّة والمرآتيّة في ذلك ، إذ قوله أكرم العلماء أيضا في قوّة قوله أكرم زيدا وعمرو .. ، ولا يصير نصا بمجرّد ذلك.
وأيضا (٤) قد عرفت سابقا أنّه قد يكون الخبر الواحد من العمومات ، ويكون بين مؤداه ومؤدى الأصل عموم من وجه ، فلا ينفع التنصيص على العمل به بعد كون مفاده أعم من وجه من مفاد الأصل ، وكيف كان فقد أشرنا سابقا إلى أنّ الاتفاق قائم على تقديم الأدلة على الأصول العمليّة (٥) الأربعة.
والغرض من هذا التطويل أنّه من أي باب ، نعم قد عرفت سابقا أنّه يمكن أن
__________________
(١) في نسخة (ب) : سابقا ما في ...
(٢) لعل المراد : أنّك عرفت الميزان في تحقق الحكومة فيما ذكرناه سابقا في مثل هذا المورد.
(٣) في النسخة : حكمها.
(٤) في نسخة (ب) بدل وأيضا : رابعا.
(٥) بعدها في نسخة (ب) : خصوصا الأصول.