من (١) قطعي السند أو ظنيّه فتختلف حاله بحسب الحكومة والورود ، بين القول بكون اعتبار الأصول المذكورة من باب التعبّد وأصالة عدم القرينة ، والقول بكونها من باب الظن النوعي الحاصل من الغلبة أو غيرها.
فعلى الأول يكون تقديم ذلك الخاص من باب الحكومة ، لأنّ العمل بتلك الأصول إنّما هو في صورة احتمال وجود القرينة وعدمها ، ومعنى حجيّة ذلك الخاص جعل احتمال مخالفة مؤداه للواقع بمنزلة العدم ، في عدم ترتب ما كان يترتب عليه من الأثر لو لا حجيّة هذه الأمارة ، وهو وجوب العمل بذلك العموم مثلا.
قال : ويحتمل أن يكون من باب الورود بناء على كون العمل بالظاهر معلّقا على عدم التعبّد بالمخصّص ، فيكون حالها حال الأصول العقليّة العمليّة .. ثمّ أمر بالتأمّل.
ولعل نظره إلى منع التعليق مع (٢) عدم التعبّد بالمخصص ، وإنّما هي معلّقة على عدم القرينة على الخلاف واقعا ، فيكون دليل التعبّد مثبتا للقرينة جعلا وتنزيلا ، فيكون من الحكومة ، وعلى الثاني يكون من باب الورود ، لأنّ دليل حجيّة ذلك الظهور النوعي مقيّد بعدم وجود ظن معتبر على خلافه ، ومع وجوده يرتفع موضوعه ، كارتفاع موضوع الأصل بالدليل ، ثم أيّد التعليق المذكور بعدم وجود مورد يقدّم فيه العام على الخاص ، ولو كان ذلك الخاص من أضعف الظنون ، يعني من حيث السند ، فلو لم يكن العمل بظهور العموم معلّقا على عدم وجود الظن المعتبر لوجد مورد يقدم فيه العام ـ لقوّته ـ على الخاص المقابل له ، فهو نظير ظنّ الغلبة والظن الاستصحابي ، بناء على اعتباره من باب الظن من حيث إنّهما مقيّدان في اعتبارهما بعدم وجود الدليل في قبالهما ، ولو كان أيضا من الأدلة الاجتهاديّة فهما في الرتبة متأخران عن سائر الأدلة الاجتهاديّة ، فكذلك الحال في أصالة العموم ونحوه.
هذا حاصل ما ذكره ، ونظره في الفرق بين الوجهين إلى أنّه على الأول يكون
__________________
(١) لا توجد كلمة «من» في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (ب) : على.