أصل عدم القرينة إلا أن يراد أنّهم يعاملون (١) معاملة عدم القرينة ، وهو كذلك ؛ إلا أنّه راجع إلى ما ذكرنا من العمل بالظهور اللفظي من حيث إنّه مقيد بالظن بالمراد نوعا أو فعلا ، وليس شيئا وراءه ، ثمّ أقول بناء على كون أصالة عدم القرينة أمرا وراء الظهور النوعي فلا يتفاوت حالها مع الظهور في الحكومة والورود ، ولا فرق بين الوجهين في ذلك.
والحق هو الورود فيهما ؛ لأنّ اعتبار كليهما إنّما هو من باب بناء العقلاء وطريقتهم ، وهم لا يحكمون باعتبار شيء إلا بعد ملاحظة جميع جهاته وخصوصيّاته ، فيكون حكمهم نظير حكم العقل في أنّه معلّق على عدم ورود ما يكون معتبرا عند الشارع ، إذ لا تأمّل في عدم تعقل الحكومة في حكم العقل بمعنى أنّه إمّا (أن) يحكم مطلقا فيقدم على ما وصل من الأخبار الظنيّة ، وإمّا مقيّدا بعدم مثل ذلك الخبر ، ولذا نقول إنّه لا يعقل التخصيص في حكم العقل ، فبناء العقلاء أيضا كذلك ، بل هو حكم عقلي (٢) فلا يتصور فيه تعارض وحكومة ، فموضوع الاعتبار عندهم مقيّد بالظهور الخاص ، وهو ما لا يكون في قباله شيء ، خصوصا إذا جعلنا حجيّة خبر الواحد الذي هو في مقابل أصالة العموم (٣) من باب بناء العقلاء ، وما ذكرنا هو السرّ في كون الظن الاستصحابي ـ بناء على كونه من باب الظن ، والظن الحاصل من الغلبة ـ حجّة عندهم (٤) ما يكون على الخلاف من الأدلة الأخر ، فإنّ دائرة الاعتبار في نظرهم مقيدة.
والتحقيق في المقام : أنّ التعارض ليس بين ظهور العام ودليل السند (٥) ، حتى يكون من باب الحكومة أو الورود ، بل بينه وبين دلالة الخاص ، وإذا كان نصا وأظهر ، كما هو المفروض فيكون مقدّما من باب حكم العقل والعرف ، حيث يجعلونه قرينة ، بل التعارض بدوي يزول بملاحظة ما ذكر من كونه قرينة عندهم ، ودليل اعتبار
__________________
(١) في نسخة (ب) : يعملون.
(٢) في نسخة (ب) : عقلي إجمالي.
(٣) في نسخة (ب) : أيضا.
(٤) في نسخة (ب) : عند عدم.
(٥) في نسخة (ب) : ودليل اعتبار السند.