قدّم قول العامل ، لأصالة عدم قصد التبرع بعد كون عمل المسلم محترماً ، بل اقتضاء احترام عمل المسلم ذلك وإن أغمضنا
______________________________________________________
ظاهر ما في الشرائع في كتاب الجعالة من قوله : « لو استدعى الرد ولم يبذل الأجرة لم يكن للراد شيء ، لأنه متبرع بالعمل » خلافه في ذلك ، مع بنائه في كتاب الإجارة على الاستحقاق إذا دفع الى العامل شيئاً ليعمل فيه ، إذا كان من عادة العامل أن يستأجر لذلك ـ كالغسال والصباغ ـ أو كان العمل مما له اجرة.
وكيف كان : فلا خلاف محقق في الضمان. وفي مجمع البرهان : « يحتمل أن يكون مجمعاً عليه ». نعم الإشكال في مستنده ، إذ الضمان إما بالعقد أو باليد أو بالإتلاف ، والجميع هنا محل الإشكال ، فإنه لا عقد صحيح في البين ، لا إجارة ولا جعالة ، للجهل بالأجرة والجعل. ولو سلم ثبوتهما فاسدتين ليترتب عليه الضمان بقاعدة : « ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » ، فغير مطرد في صورة قصد الآمر التبرع كما فرض في المتن. وإن كان باليد فغير ظاهر أيضاً ، لأن قاعدة : ( على اليد ) لو شملت المنافع اختصت بما لو كان ذو المنفعة تحت اليد ، لتكون المنفعة تحت اليد تبعاً ، وهو لا يتم في عمل الحر كما عرفت في أول الكتاب. فتأمل. وإن كان بالإتلاف فأشكل ، لأن سببية العامل فيه أقوى من الآمر ، لأنه المباشر ، كما لو أمره بإتلاف مال الغير وأكل طعامه ، فان المتلف هو الضامن لا الآمر.
والذي ذكره في المسالك وغيرها : أن الموجب للضمان استيفاء المنفعة ذات المالية. لكن سببية ذلك للضمان أيضاً محتاجة إلى دليل. وفي الجواهر : الاستدلال له بقاعدة احترام عمل المسلم كماله. كما أشار إليه في المتن وجملة من كتب الأصحاب. لكن عرفت سابقاً : أن كون عمل المسلم محترماً