عن جريان أصالة عدم التبرع [١]. ولا فرق في ذلك بين
______________________________________________________
ارتكاز العرف والمتشرعة ، والمناط الموجب للضمان عندهم موجود في الصورتين على حد واحد ، وهو استيفاء العمل غير المباح من العامل ، كما أشار إليه في المسالك وغيرها. فاذاً لا يبعد البناء على الضمان ، لبناء العرف والمتشرعة عليه ، وعدّهم لاستباحة العمل ظلماً وعدواناً. والمناط في حصول الاستيفاء الموجب للضمان ، أن يكون بعث وتحريض للعامل ، ولا فرق في البعث بين أن يكون بالقول كالأمر ، وأن يكون بالفعل كأن يدفع إلى الخياط الثوب ليخيطه ، أو الغسال ليغسله ، أو يجلس بين يدي الحلاق أو الدلاك فيحلق رأسه أو يدلك بدنه ، كما صرح به في جامع المقاصد ، فان ذلك بمنزلة الأمر في حصول الاستيفاء المقتضي للضمان.
هذا والظاهر أن الأجرة التي يضمن بها العمل : هي أجرة المثل كما صرح به جماعة. وما في كلام جماعة آخرين من أنها الأجرة المسماة لمثل ذلك العمل قرينة على تواطئهما عليها ، فتكون جعالة صحيحة لتعين الجعل. لكن ذلك إن تمَّ يختص بصورة علم الآمر ، لا مع جهله. كما أنه يمكن أن يكون المقام من باب الإجارة الصحيحة ، بأن يكون غرض الآمر توكيل العامل في تعيين الأجرة ، كما يتعارف ذلك في الشراء من مخازن البقالين والبزازين وغيرهم ، من دون تواطؤ على أجرة معينة ، فلا بد أن يكون مقصود المشتري توكيل البائع من بقال أو بزاز أو غيرهما في تعيين الثمن ، فيكون البيع صحيحاً ، لأنه يكفي في معرفة العوضين المعتبرة في البيع معرفة الوكيل. وكذا في المقام. لكنه يختص التوكيل بالمتعارف وهي أجرة المثل ، فلا يكون الضمان بالمسمى. وكذا في البيع. وبالجملة : الضمان بالمسمى غير ظاهر ، إلا أن يكون مفاد الأمر التوكيل المطلق.
[١] كأنه مبني على التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.